فقام فيهم عبد الله بن عباس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما قولك: إنا لا نستحق الخلافة بالنبوة، فإذا لم نستحق الخلافة بالنبوة فبم نستحق؟
وأما قولك: إن النبوة والخلافة لم تجتمعا لاحد، فأين قول الله عز وجل: ﴿فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما﴾ (١) فالكتاب: النبوة، والحكمة: السنة، والملك: الخلافة، نحن آل إبراهيم، أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة فينا وفيهم جارية.
وأما قولك: إن حجتنا مشتبهة، فهي والله أضوأ من الشمس، وأنور من القمر، وإنك لتعلم ذلك، ولكن ثنى عطفك (٢) وصعر (٣) خدك، قتلنا أخاك وجدك وعمك وخالك، فلا تبك على عظام حائلة (٤) وأرواح زائلة في الهاوية ولا تغضبن لدماء أحلها الشرك ووضعها الاسلام، فأما ترك الناس أن يجتمعوا علينا فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله.
وأما قولك: إنا زعمنا أن لنا ملكا مهديا، فالزعم في كتاب الله شك، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن﴾ (5) فكل يشهد أن لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ملكه الله فيه، وأن لنا مهديا لو لم يبق إلا يوم واحد بعثه لامره يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، لا يملكون يوما إلا ملكنا يومين، ولا شهرا إلا ملكنا