وشريت بردا ليتني * من بعد برد كنت هامه أو بومة تدعو صدا * بين المشقر فاليمامه الريح تبكى شجوها * والبرق يلمع في الغمامة فعطف البرق على الريح ثم اتبعه بقوله يلمع فكأنه قال والبرق أيضا يبكيه لامعا في غمامه أي في حال لمعانه ولو لم يكن البرق معطوفا على الريح في البكاء لم يكن للكلام معنى ولا فائدة.. ويمكن أيضا على هذا الوجه مع عطف الراسخين على ما تقدم واثبات العلم بالمتشابه لهم ان قوله يكون يقولون آمنا به استئناف جملة استغنى فيها عن حرف العطف كما استغنى في قوله يقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ونحو ذلك مما للجملة الثانية فيه التباس في الجملة الأولى فيستغنى به عن حرف العطف ولو عطف بحرف العطف كان حسنا ينزل الملتبس منزلة غير الملتبس.. والوجه الثاني في الآية أن يكون قوله والراسخون في العلم مستأنفا غير معطوف على ما تقدم ثم أخبر عنهم بأنهم يقولون آمنا ويكون المراد بالتأويل على هذا الجواب المتأول لأنه قد يسمى تأولا قال تعالى (هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله) المراد بذلك لا محالة المتأول والمتأول الذي لا تعلمه العلماء وإن كان تعالى عالما به كنحو وقت قيام الساعة ومقادير الثواب والعقاب وصفة الحساب وتعيين الصغائر إلى غير ذلك فكأنه قال وما يعلم تأويل جمعه على المعنى الذي ذكرناه إلا الله والعلماء يقولون آمنا به وقد اختار أبو علي الجبائي هذا الوجه وقواه وضعف الأول بان قال قول الراسخين في العلم آمنا به كل من عند ربنا دلالة على استسلامهم لأنهم لا يعرفون تأويل المتشابه كما يعرفون تأويل المحكم ولأن ما ذكره من وقت القيامة ومن التمييز بين الصغائر والكبائر هو من تأويل القرآن إذ كان داخلا في خبر الله والراسخون في العلم لا يعلمون ذلك.. وليس الذي ذكره بشئ لأنه لا يمتنع أن يقول العلماء مع علمهم بالمتشابه آمنا به على الوجه الذي قدمنا ذكره فكيف يظن أنهم لا يقولون ذلك إلا مع فقد العلم به وما المنكر من أن يظهر الانسان بلسانه الايمان بما يعلمه ويتحققه فأما قوله ولأن ما ذكرناه من تأويل القرآن فذلك إنما يكون تأويلا للقرآن إذا حملت هذا اللفظة على المتأول
(٩٦)