كان قد أنفذه عليه السلام إلى اليمن ليخمس زكاتها (1)، ويقبض ما وافق عليه أهل نجران من الحلل والعين وغير ذلك، فتوجه عليه السلام لما ندبه إليه رسول الله صلى عليه وآله، فأنجزه ممتثلا فيه أمره مسارعا إلى طاعته، ولم يأتمن رسول الله صلى الله عليه وآله أحدا غيره على ما ائتمنه عليه من ذلك، ولا رأى في القوم من يصلح للقيام به سواه، فأقامه عليه السلام مقام نفسه في ذلك واستنابه فيه، مطمئنا إليه، ساكنا إلى نهوضه بأعباء ما كلفه فيه.
ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وآله التوجه للحج وأداء فرض الله تعالى عليه فيه، فأذن في الناس به، وبلغت دعوته عليه السلام أقاصي بلاد الاسلام، فتجهز الناس للخروج وتأهبوا معه، وحضر المدينة من ضواحيها ومن حولها وبقرب منها خلق كثير، وتهيأوا للخروج معه، فخرج النبي صلى الله عليه وآله بهم لخمس بقين من ذي القعدة، وكاتب أمير المؤمنين عليه السلام بالتوجه إلى الحج من اليمن ولم يذكر له نوع الحج الذي قد عزم عليه، وخرج عليه وآله السلام قارنا للحج بسياق الهدي، وأحرم من ذي الحليفة (2) وأحرم الناس معه، ولبى (3) عليه السلام من عند الميل الذي بالبيداء، فاتصل ما بين الحرمين بالتلبية حتى انتهى إلى كراع الغميم (4)،