فأخبرهم أنه لم يجبه.
فقال عمرو بن العاص: إنه لا ينبغي أن نضيع أنفسنا، انطلقوا بنا نعلو الوادي، فقال له المسلمون: لا والله لا نفعل، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نسمع لعلي ونطيع، فنترك أمره ونسمع لك ونطيع؟!
فلم يزالوا كذلك حتى أحس أمير المؤمنين عليه السلام الفجر، فكبس (١) القوم وهم غارون (٢)، فأمكنه الله منهم، ونزلت على النبي صلى الله عليه وآله: ﴿والعاديات ضبحا...﴾ (3) إلى آخر السورة، فبشر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بالفتح، وأمرهم أن يستقبلوا أمير المؤمنين عليه السلام فاستقبلوه، والنبي صلى الله عليه وآله يقدمهم فقاموا له صفين.
فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وآله ترجل عن فرسه، فقال له النبي عليه وآله السلام: " إركب فإن الله ورسوله راضيان عنك " فبكى أمير المؤمنين عليه السلام فرحا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: " يا علي، لولا أنني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ".