وظهر من مكانه عنده صلى الله عليه وآله وجليل محله عند الله سبحانه ما نوه به في مدحته، فأوجب به فرض طاعته على الخلائق واختصاصه بخلافته، والتصريح منه بالدعوة إلى اتباعه والنهي عن مخالفته، والدعاء لمن اقتدى به في الدين وقام بنصرته، والدعاء على من خالفه، واللعن لمن بارزه بعداوته. وكشف بذلك عن كونه أفضل خلق الله تعالى وأجل بريته، وهذا مما لم يشركه - أيضا - فيه أحد من الأمة، ولا تعرض (1) منه بفضل يقاربه على شبهة لمن ظنه، أو بصيرة لمن عرف المعنى في حقيقته، والله المحمود.
فصل ثم كان مما أكد له الفضل وتخصصه منه بجليل رتبته، ما تلا حجة الوداع من الأمور المتجددة لرسول الله صلى الله عليه وآله والأحداث التي اتفقت (بقضاء الله وقدره) (2).
وذلك أنه عليه وآله السلام تحقق من دنو أجله ما كان (قدم الذكر) (3) به لأمته، فجعل عليه السلام يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذرهم من الفتنة بعده والخلاف عليه، ويؤكد وصاتهم بالتمسك بسنته والاجتماع عليها والوفاق، ويحثهم على الاقتداء