وكان الناس معه ركبانا ومشاة، فشق على المشاة المسير، وأجهدهم السير والتعب به، فشكوا ذلك إلى النبي ص الله عليه وآله واستحملوه فأعلمهم أنه لا يجد لهم ظهرا، وأمرهم أن يشدوا على أوساطهم ويخلطوا الرمل (1) بالنسل (2)، ففعلوا ذلك واستراحوا إليه، وخرج أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه من العسكر الذي كان صحبه إلى اليمن، ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران.
فلما قارب رسول الله الله عليه وآله مكة من طريق المدينة، قاربها أمير المؤمنين عليه السلام من طريق اليمن، وتقدم الجيش للقاء النبي صلى الله عليه وآله وخلف عليهم رجلا منهم، فأدرك النبي عليه وآله السلام وقد أشرف على مكة، فسلم وخبره بما صنع وبقبض ما قبض، وأنه سارع للقائه أمام الجيش، فسر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك وابتهج بلقائه وقال له: (بما أهللت يا علي؟ فقال له: يا رسول الله، إنك لم تكتب إلي بإهلالك ولا عرفتنيه (3) فعقدت نيتي بنيتك، وقلت. اللهم إهلالا كإهلال نبيك، وسقت معي من البدن أربعا وثلاثين بدنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر، فقد سقت أنا ستا وستين، وأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي، فأقم عل إحرامك وعد إلى جيشك فعجل بهم إلي. حتى نجتمع بمكة إن شاء الله).