75 - القول فيما يدرك بالحواس، وهل العلم به من فعل الله تعالى أو فعل العباد؟
وأقول: إن العلم بالحواس على ثلاثة أضرب: فضرب هو من فعل الله تعالى، وضرب من فعل الحاس، وضرب من فعل غيره من العباد.
فأما فعل الله تعالى فهو ما حصل للعالم به عن سبب من الله تعالى كعلمه بصوت الرعد ولون البرق (1) ووجود الحر والبرد وأصوات الرياح وما أشبه ذلك مما يبدو (2) للحاس من غير أن يتعمل (3) لإحساسه ويكون بسبب من الله سبحانه ليس للعباد فيه اختيار.
فما فعل الحاس فهو ما حصل له عقيب فتح بصره أو الإصغاء بأذنه أو التعمل (4) لإحساسه بشئ من حواسه أو بفعله السبب الموجب لإحساس المحسوس وحصول العلم به.
وأما فعل غير الحاس من العباد فهو ما حصل للحاس بسبب من بعض العباد كالصائح بغيره وهو غير متعمل (5) لسماعه أو المولم له فلا يمتنع من العلم بالألم عند إيلامه وما أشبه ذلك. وهذا مذهب جمهور المتكلمين من أهل بغداد ويخالف فيه من سميناه.