أن تراد الإرادة بنفسها لوجب أو جاز وجود نفسها قبل نفسها وهذا عين المحال.
وقد أطلق بعض أهل النظر من أصحابنا إن الإرادة مرادة بنفسها وعنى به أفعال الله تعالى الواقعة من جهته واختراعه وإيجاده لأنها هي نفس إرادته وإن لم يكن واقعة منه بإرادة غيرها ولن يصح ذلك فيها، وهذا مجاز و استعارة. والقول في التحقيق ما ذكرناه، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وكثير من البغداديين قبله وجماعة من الشيعة، ويخالف فيه آخرون منهم ومن (1) البصريين والمجبرة كافة.
120 - القول في الشهادة وأقول: إن الشهادة منزلة يستحقها من صبر على نصرة دين الله تعالى صبرا قاده إلى سفك دمه وخروج نفسه دون الوهن منه في طاعته تعالى، وهي التي يكون صاحبها يوم القيامة من شهداء الله وأمنائه وممن ارتفع قدره عند الله وعظم محله حتى صار صديقا عند الله مقبول القول لاحقا بشهادته الحجج من شهداء الله حاضرا مقام الشاهدين على أممهم من أنبياء الله - صلوات الله عليهم - قال الله عز وجل: (وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين). وقال: (أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم). فالرغبة إلى الله تعالى في الشهادة إنما هي رغبة إليه في التوفيق للصبر المؤدي إلى ما ذكرناه، و