من وافقني في العدل والإرجاء بما كشف لي (1) النظر عن صحته ولم يوحشني من خالف فيه إذ بالحجة لي أتم أنس ولا وحشة من حق والحمد لله.
114 - القول في تعويض البهائم واقتصاص بعضها من بعض وأقول: إنه واجب في جود الله تعالى وكرمه تعويض البهائم على ما أصابها من الآلام في دار الدنيا سواء كان ذلك الألم من فعله - جل اسمه - أم من فعل غيره لأنه إنما خلقها (2) لمنفعتها فلو حرمها العوض على ألمها لكان قد خلقها لمضرتها، والله يجل عن خلق شئ لمضرته وإيلامه لغير نفع يوصله إليه، لأن ذلك لا يقع إلا من سفيه ظالم، والله سبحانه عدل كريم حكيم عالم.
فأما الاقتصاص منها فغير جايز لأنها غير مكلفة ولا مأمورة ولا عالمة (3) بقبح القبيح، والقصاص ضرب من العقوبة وليس بحكيم (4) من عاقب غير مكلف ولا منته (5) عن فعل القبيح. ولو جاز الاقتصاص من بعضها لبعض لجاز عقابها على جناياتها على بعض ولوجب ثوابها على إحسانها إلى ما أحسنت إليه من بعض وذلك كله محال. وهذا مذهب كثير من أهل العدل وقد خالف فيه بعضهم و جماعة ممن سواهم.