وإن كان هو الله (تعالى) فمقتضاه مساواة المعاصي لأن من يعصى واحد في الجميع، كما ورد من قوله (ص): لا تنظروا إلى صغر الذنب ولكن انظروا إلى من اجترأتم (مدينة البلاغة ج 2 قصار الكلمات حرف اللام) وكلما دل على نفي الكبيرة ينظر إلى هذه الجهة.
وإن كانت المفاسد المترتبة على المعاصي فهي وإن كانت موجودة في الجملة ولكن أولا إنها ربما تكون في مخالفة نفس التكليف لا في المكلف به، و ثانيا أن ملاك كبر المعصية وصغرها يجب أن يرجع إلى حيثية كونها معصية لا إلى سائر جهاتها، وهذه الحيثية عبارة عن نسبة العمل إلى أمره (تعالى) أو نهيه أو إلى رضاه وسخطه (تعالى) من جهة الموافقة أو المخالفة.
فكل عمل كان موجبا للبغض والسخط الشديد لله (تعالى) فهو معصية كبيرة، وكل عمل كان سببا لبغضه (تعالى) وسخطه أقل منه يكون معصية صغيرة، وقد ثبتت الشدة والضعف في المبغوضية وفي كون العمل باعثا لسخطه (تعالى) وإن كان ذاته (تعالى) لا تفاوت فيها ولا فيما يرجع إليها، فيكفي في ثبوت الصغر والكبر ما ذكرناه والظاهر أن الشيخ المفيد قده أراد أيضا بنفي الصغيرة أولا وإثباته بالإضافة ما ذكرناه.
(92) قوله (أهل الإمامة والإرجاء) أقول: اتفاق الشيعة والمرجئة يكون في دعوى تساوي الذنوب ذاتا و اختلافها بالإضافة، وأما نوع التساوي فالشيعة أبعد الفرق عن المرجئة هنا، و ذلك لأن المرجئة تدعي أن الذنوب كلها صغائر واقعا، وإنما توصف ما توصف بالكبيرة منها بالإضافة، وإلا فلا كبيرة في المعاصي عندهم، وذلك لأن