عبد الرحمن وغيرهم.
فالطبقة الذين برزوا في أواخر الغيبة الصغرى وأوائل الغيبة الكبرى هم المتكلمون من بني نوبخت الذين كانوا حملة علم أصول الذين، والمدافعين عن مذهب الشيعة، ما يقرب من قرن من أسوء القرون، وأكثرها اضطرابا وشبها و اصعبها من جهة الدفاع عن الحقيقة، خصوصا مع مقارنة تصديهم لهذا المنصب مع غيبة إمامهم، وانقطاع صلتهم بمنبع الفيض الإلهي ظاهرا، وإن كانوا مؤيدين من عنده باطنا.
هذا هو الذي سبب إفراطهم في الاحتجاجات العقلية، وبعدهم أحيانا عن الأدلة النقلية، إما لعدم اطلاعهم عليها أو لعلم اعتنائهم بها لعدم حجيته عندهم أو عند خصومهم أو كونها مؤولة على خلاف ظاهرها في نظرهم.
وهذه الخصوصية في علم الكلام عند النوبختيين وإن كانت لازمة أو مضطرا إليها في زمنهم، ولكنها حيث أنها خارجة عن حد الاعتدال الذي هو من خصوصيات علم الكلام الشيعي الذي هو بين طريقة القشريين وأهل التقليد وريقة المعتزلة والفلاسفة، ولهذا كان من الواجب كفاية بل عينا على مثل الشيخ المفيد قدس سره أن يقوم بعدهم ويرجع الكلام الشيعي عن الافراط في العقليات إلى الوسط، ولازمه وقوع بعض المناقشات بينه وبين بني نوبخت برد بعض آرائهم أحيانا، وقبول أصل آرائهم مع تبديل استدلالاتهم العقلية إلى الأدلة النقلية أحيانا أخرى، ورد بعض توجيهاتهم للأدلة النقلية وتأويلاتهم لها إلى ما يخالف ظاهرها ثالثه، ولكن كل ذلك مع كمال الاحترام لآرائهم و التجليل لمقامهم.
ولهذا قلما يذكر مسألة لا يتعرض لآرائهم.