بالفضيلة، اختصه بها ليكون علما للطالب، إذ كان مدلولا عليه، ولم يكن الله ليدع عباده والجهل، لأنه ليس للجهل سواهم، ولا للهلكة أنشأهم، ولم يكن ليدلهم على الاسلام والصلاح، وهو يريد إفسادهم، وإن هذا غير جائز على الله أن يدع العباد ولا يدلهم على الصلاح إذ كانت عقولهم لا تبلغ جميع مصالحهم في دنياهم، فكيف يصلح لأمر الدين!؟، وإذا كانوا عاجزين عن أمر الدنيا فهم عن الدين أعجز، ولولا ذلك لكان إرسال الرسل أيهم فضولا وخطأ، وإذا كانوا عاجزين عن العلم بمصلحة أبدانهم في دنياهم، فهم عن المستنبط بالقياس مما لا تدركه الحواس، وعن المؤجل الذي لا يعرف بالمعجل وعن الخفي الذي [لا] يعرف بالظاهر أعجز؟!، فكيف لو وقفوا على غامض الدين من التعديل والتجويز، ومعرفة ما يجوز على الله، ومما لا يجوز؟ وعلى الفرق بين الكهنة والرسل، وبين النبي والمتنبي، وبين الكاذب من الاخبار وبين الصحيح (1)، وكيف يفصل بين التأويل في الوعد والوعيد، والأسماء والاحكام، وبين العلم بالحلال والحرام، وكيف يخفى على ذي عقل أن الناس لا بد لهم من قيم يعرفهم مصالح دينهم، فالرسول قد أقامهم على جملة أمرهم، وأقام لهم الامام ليدلهم على ما يختلفون فيه من بعده وعليه التفصيل فالامر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) راجع إلى الامام المدلول عليه بعد أن يطاع ويؤخر له، لان الرسول (صلى الله عليه وآله) يشرع الشريعة ويخبر بالجملة،
(٥٨٢)