فكما لم يدع تولية الوالي في حياته، وروادهم (1) تأتيه بتقويمه لهم في اختلافهم، ويردون (2) عليه فلا يغفل عن تقويمهم [وإن غفلوا] ولا يدع ملامتهم وإن زهدوا، كذلك لم يدعهم بعد وفاته.
فكيف استجازوا أن يعرفوه بأنه أهملهم بعد وفاته وتركهم بلا وال من قبله والحاجة إلى الوالي بعد وفاته أشد، إذ لم يكن لهم من يقيمهم إذا اختلفوا، وكان على الاختيار لهم أقدر، ولا سيما وهو على الانتقال من دار الدنيا، وذلك آخر عهده بأمته الذين لم يألها منذ ولاه الله أمرها، (3) نظرا وعطفا ولينا وتأديبا، وسنته في وفاته كسنته في حياته، وذلك إنا لم نر ولم تر الأمة شيئا من سنة يغفلها مهملا بل لم يزدها الا تأكيدا، ومن المحال أن يترك الأمة ويهمل أمرها حتى تختلف وتعمل بآرائها، فيقع التفاوت والاختلاف، وقد نفى الله ذلك عن نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) (4) ووصفه جل ذكره فقال: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (5)، فإذا وقع الاختلاف، فكل فرقة تقول بما تهوى، وعلى هذا تبطل سنة الرسول، وتثبت سنن الأمة المختلف فيها، [كذا].