المسترشد - محمد بن جرير الطبري ( الشيعي) - الصفحة ٤٢٢
عقبه، وأما عائشة، فإن نبي الله نهاها عن مسيرها، فعضت يدها ندامة على ما كان منها (1).
(١) - قصة ندامة عائشة وتوبتها، ورجوعها إلى المدينة، وهل كانت نادمة أو حانقة لما حصلت من الخيبة والفشل والهزيمة، قال العلامة المجلسي رحمه الله في البحار، ط القديم وهو المجلد الثامن ص ٤١٩: نقلا عن كتاب " إبطال توبة الخاطئة ":
عن إبراهيم بن عروة، عن ثابت، عن أبيه، عن حبة العرني، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث إلى عائشة محمدا أخاها رحمه الله وعمار بن ياسر رضوان الله عليه، أن ارتحلي والحقي بيتك الذي تركك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: والله لا أريم هذا البلد أبدا، فرجعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأخبراه بقولها فغضب ثم ردهما إليها وبعث معهما الأشتر فقال: والله لتخرجن أو لتحملن احتمالا، ثم قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يا معشر عبد القيس اندبوا إلى الحرة الخيرة من نسائكم فان هذه المرأة من نسائكم فإنها قد أبت أن تخرج لتحملوها احتمالا، فلما علمت بذلك قالت لهم: قولوا فليجهزني، فأتوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فذكروا له ذلك، فجهزها وبعث معها بالنساء.
وعن الحسن بن ربيع، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن محصن بن زياد الضبي، قال سمعت الأحنف بن قيس يقول: بعث علي علي عليه السلام إلى عائشة أن إرجعي إلى الحجاز فقالت:
لا أفعل فقال لها: لان لم تفعلي لأرسلن إليك نسوة من بكر بن وائل بشفار حداد يأخذنك بها، قال: فخرجت حينئذ.
وعن إسحاق بن إبراهيم، عن أشرس العبدي، عن عبد الجليل، إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث عمار بن ياسر عليهم السلام إلى عائشة أن ارتحلي، فأبت عليه، فبعث إليها بامرأتين وامرأة من ربيعة معهن الإبل، فلما رأتهن ارتحلت وعن محمد بن علي بن نصر، عن عمر بن سعد، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه دخل على عائشة لما أبت الخروج، فقال لها: يا شعيرا ارتحلي وإلا تكلمت بما تعلمين قالت: نعم أرتحل. فجهزها وأرسلها ومعها أربعين امرأة من عبد قيس..
الحديث بطوله.
أقول: أكتفي بهذا المقدار، خوف الإطالة كما ذكر المجلسي رحمه الله وأحيل القارئ الكريم إلى المصدر المذكور.
قال العلامة سبط ابن الجوزي في كتاب تذكرة الخواص، ص ٧٩: قال علماء السير:
لما بعث علي عليه السلامعبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بالمسير إلى المدينة فدخل عليها ابن عباس بغير إذن فقالت له: أخطأت السنة دخلت علينا بغير إذن!! فقال لها لو كنت في البيت الذي خلفك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما دخلنا عليك بغير إذنك، ثم قال: إن أمير المؤمنين يأمرك بالمسير إلى البيت الذي أمرك الله بالقرار فيه، فأبت عليه، فشدد عليها وقال: هو أمير المؤمنين وقد عرفتيه.
قال هشام بن محمد: فجهزها علي عليه السلام أحسن الجهاز ودفع لها مالا كثيرا وبعث معها أخاها عبد الرحمان بثلاثين رجلا وعشرين امرأة من أشراف البصرة وذوات الدين من همدان وعبد القيس، وألبسهن العمائم وقلدهن السيوف بزي الرجال وقال: لهن:
لا تعلمنها أنكن نسوة، وثلثمن وكن حولها ولا يقربنها رجل وسرن معها على هذا الوصف فلما وصلت إلى المدينة قيل لها: كيف كان مسيرك؟ فقالت: بخير، والله لقد أعطى فأكثر و لكنه بعث رجالا معي أنكرتهم، فبلغ ذلك النسوة فجئن إليها وعرفنها أنهن نسوة فسجدت وقالت: والله يا ابن أبي طالب ما ازددت ألا كرما، وددت إني لم أخرج هذا المخرج وان أصابني كيت وكيت.
قال ابن الكلبي وكانت عائشة: إذا ذكرت يوم الجمل بكت حتى تبل خمارها وتأخذ بحلقها كأنها تخنق نفسها، وكانت إذا ذكرت أم سلمة تذكر نهيها لها وتبكي، وقال هشام بن محمد: إنما رد علي عليه السلام عائشة إلى المدينة امتثالا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشار هشام إلى ما روى أحمد بن حنبل، قال: حدثنا حسين بن محمد حدثنا فضل بن سليمان، حدثنا محمد بن يحيى، عن أبي أسماء مولى ابن جعفر، عن أبي رافع إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب: سيكون بينك وبين عائشة أمر، قال:
فإذا أنا أشقاهم؟ قال: لا، ولكن إذا جرى ذلك فارددها إلى منامها، قال هشام فكانت عائشة تأتي بعد يوم الجمل وتقول: يا ليتني كنت نسيا منسيا أي الحيضة الملقاة، قال ابن الجوزي:
انتهت قصة الجمل على وجه الاختصار. وكتاب مقاتل الطالبيينلأبي الفرج الأصفهاني، ص 42 و 43. وقد أطنب العلامة المجلسي وذكر العلامة المعاصر السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين، ج 1 ص 233. كما أوردنا مفصلا في مقدمة كتابنا " الأربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين برواية عائشة " لمحقق هذا الكتاب.