ويطلب منه الحفاظ من جميع تلك الجهات وما يخاف منه من قبل نفسه، ولذلك قال: ومن قبلي وإنما أخره مع أن الاحتراز عن العدو الداخلي أولى من الاحتراز عن العدو الخارجي، لأن دفع الخارج إذا كان منه فساد الداخل أهم ولعل السر في تقديم الأمام والخلف وتأخير الفوق والتحت وتوسيط اليمين والشمال أن اتيان العدو في الأولين أغلب إلا أن القوى يأتي من الأمام والضعيف من الخلف وفي الأخيرين نادر جدا وفي الوسطين غالب بالنسبة إلى الأخيرين فالأولى في طلب الحفظ أن يقدم الأهم فالأهم وإنما آثر «عن» على «من» في الوسطين طلبا لتجاوز الحفظ منهما إلى الأولين للمبالغة في حفظهما حيث طلبه أولا صريحا.
وثانيا ضمنا (وأعوذ بك من سطوات الليل والنهار) هي النوائب النازلة فيهما والإضافة باعتبار الظرفية (اللهم رب المشعر الحرام ورب البلد الحرام ورب الحل والاحرام) في بعض النسخ « والحرام» والوجه في تخصيص أمثال هذه الأشياء بالمربوبية مع أنه رب كل شيء; المبالغة في تعظيم الخالق بإضافة كل عظيم إلى ايجاده ولذلك قد يقال رب السماوات والأرض ورب النبيين والمرسلين ورب الجبال والبحار ورب المشرق والمغرب ورب العالمين وغير ذلك مما جاء في القرآن والحديث ولم يأت فيما يستحقر ويستفذر كالحشرات والكلاب والقرود إلا على وجه العموم (اللهم اني أعوذ بدرعك الحصينة) درع الحديد يؤنث وقد يذكر والمراد بهاذمة الإسلام أو وقاية الله تعالى أو كلمة التوحيد مع شرائطها (وأعوذ بجمعك) هم الملائكة والرسل والأنبياء والأوصياء والصلحاء.
(أن تميتني غرقا - إلى آخره) مفعول مطلق والأصل اماته غرق حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وأعرب باعرابه وكذا نظائره، والشرق بالتحريك مصدر شرق فلان بالماء كفرح إذا غص به حتى يموت، وفي الكنز شرق گلو ماندن چيزى. والقود محركة القصاص وموت الصبر هو القتل مع الحبس، يقال قتل فلان صبرا إذا حبس على القتل حتى يقتل والصف الذين وصفهم الله في كتابه صف المجاهدين ولما كان الصف يصدق عل الكثير وصفهم بصيغة الجمع والبنيان مصدر بناه ولذلك لا يجمع والمرصوص الملزق بعضه ببعضه والمدغم جزؤه في جزء بحيث يعسر هدمه شبه الصف به في التلازق والتلاصق وعدم الفرجة بينهم والولد محركة وبالضم والكسر والفتح واحد وجمع وقد يجمع على أولاد وولدة بالكسر وولد بالضم.
(ويقول الحمد لله عدد ما خلق الله والحمد لله مثل ما خلق والحمد لله ملء ما خلق) الظاهر أنه إذا قال ذلك يثاب مثل ثواب من حمده تلك العدة وقد صرح به بعض العامة أيضا وقال بعضهم:
يثاب بأكثر من ثواب من حمده زائدا على مرة واحدة وهو تحكم.