قوله: (قال أن النهار إذا جاء قال: يا ابن آدم - إلى آخره) قال ذلك بلسان الحال أو بلسان المقال.
* الأصل:
13 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن شعيب بن عبد الله عن بعض أصحابه، رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: «يا أمير المؤمنين أوصني بوجه من وجوه البر أنجو به، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها السائل استمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل وأعلم أن الناس ثلاثة: زاهد وصابر وراغب فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من قلبه فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يأسى على شيء منها فاته، فهو مستريح وأما الصابر فإنه يتمناها بقلبه فإذا نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها وشنآنها، لو اطلعت على قلبه عجبت من عفته وتواضعه وحزمه وأما الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلها أو [من] حرامها ولا يبالي ما دنس فيها عرضه وأهلك نفسه وأذهب مروءته، فهم في غمرة يضطربون».
* الشرح:
قوله: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا أيها السائل استمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل) الامور الأربعة مترتبة. فإن العمل موقوف على اليقين، واليقين موقوف على الفهم، والفهم موقوف على الاستماع من أهل العلم.
(وأعلم أن الناس ثلاثة: زاهد وصابر وراغب) وجه الحصر أن الإنسان أما أن يخرج حب الدنيا عن قلبه أو لا، والثاني أما أن يمنع نفسه عن تحصيلها أو لا، فالأول زاهد، والثاني صابر، والثالث راغب.
(فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والافراح من قلبه) أي خرج الحزن بفوات الدنيا والفرح بحصولها من قلبه (فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يأسى على شيء منها فاته) الأسى بالفتح والقصر الحزن أسى يأسي من باب علم أسى فهو آس، والمقصود أن قلب الزاهد متعلق بالله وبأمر الآخرة لا بالدنيا فلا يفرح بشيء منها يأتيه ولا يحزن على شيء فاته.; لأن الفرح بحصول محبوب. والحزن بفواته، وشئ من الدنيا ليس بمحبوب عند الزاهد التارك لها بالكلية.
(فهو مستريح) في الدنيا والآخرة أما الدنيا فلخلوه من مشاق الكسب وشدائد الصبر على حبه، وأما الآخرة فلنجاته من الحساب والعقاب.
(لو اطلعت على قلبه عجبت من عفته) التعجب ينشأ من إدراك أمر غريب وهو عفته من الدنيا التي يتمناها مع خفاء سبب العفة وهو علاقة كاملة بينه وبين الله تعالى ولا يعلم تلك العلاقة إلا هو،