* الأصل:
19 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن ابن فضال، عمن ذكره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنكم في آجال مقبوضة وأيام معدودة، الموت يأتي بغتة، من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع ولا يسبق البطيء منكم حظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له، من اعطى خيرا فالله أعطاه ومن وقي شرا فالله وقاه».
* الشرح:
قوله: (قال إنكم في آجال مقبوضة وأيام معدودة والموت يأتي بغتة) أشار بالوصفين إلى أن الآجال والأيام التي هي مدة العمر كأنها قبضت وعدت بتمامها فينبغي لكم أن تفرضوا كل زمان أنتم فيه آخر عمركم والموت يأتي بغته من غير شعور لكم بزمانه. ثم رغب في حسن الاستعداد لما بعد الموت بقوله:
(من يزرع خيرا يحصد غبطة - إلى آخره) الغبطة النعمة والسرور والكلام تمثيل، أو يزرع استعارة تبعية بمعني يعمل والحصاد ترشيح والتنكير في غبطة وندامة للتعظيم ولما كان المانع من الخير غالبا هو طلب الدنيا زجر (عليه السلام) عن الوغول فيه بأنه عبث عند العقلاء; لأن البطيء المقصر فيه لا يفوته رزقه المقدر له والحريص المنهمك فيه لا يدرك ما لم يقدر له وبالجملة المقدر لكل أحد يأتيه أراد أولم يرد وهذا كلام صحيح لا ريب فيه ولا ينافيه وجدان الحريص زيادة; لأن تلك الزيادة ليست من قوته المفتقر هو إليه في البقاء بل هو لغيره والحساب عليه ثم أشار بقوله (من أعطى خيرا) إلى أن العبد ينبغي أن لا يتكل على قوته في طلب الخير ورفع الشر بل عليه تفويض اموره إلى الله في جميع الأحوال لا حول ولا قوة إلا بالله.
* الأصل:
20 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن بعض أصحابه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن واصل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى أبي ذر فقال: يا أباذر ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنكم عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب.
فقال له: فكيف ترى قدومنا على الله؟
فقال: أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله وأما المسئ منكم فكالابق يرد على مولاه، قال: فكيف ترى حالنا عند الله؟ قال: اعرضوا أعمالكم على الكتاب، إن الله يقول: (إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم) قال: فقال الرجل فأين رحمة الله؟ قال: رحمة الله قريب من المحسنين. قال: أبو عبد الله (عليه السلام): وكتب رجل إلى أبي ذر رضي الله عنه يا أبا ذر أطرفني بشيء