والحزم جودة الرأي.
(ولا يبالي ما دنس فيها عرضه) عرض الرجل ما ينبغي أن يصونه من نفسه وحسبه ويحامي عنه أن ينتقص، وقيل: عرض الرجل نفسه وبدنه لا غير، وقد بين أن الراغب في الدنيا لا يبالي بتوسخ عرضه الظاهري في هذا العالم، وذهاب عرضه الباطني في عامل الأرواح ولا باهلاك نفسه بابطال استعدادها للكمال، وجعلها مستعدة للعقوبات ولا باذهاب مروته وهي كمال الرجولية لإخراج طوره عن طور الأحرار. ثم شبه الدنيا بالبحر الزاخر.
والراغب فيها يالغريف المضطرب فيها لإيضاح المقصود وتصوير المعقول بصورة المحسوس فقال: (فهم في غمرة يضطربون) غمرة سختى ونادانى وكودكى وآن قدر آبى كه به پوشاند قامت را، وقد يراد بها الشدة، وأعلم أن المحب للدنيا الذي لا يبالي من أين جاءته في غمرات متعددة وشدائد مختلفة أوليها الشدة في جمعها وحفظها وثانيها الشدة في مفارقتها عند الموت وبعد كفراق المحب عن محبوبه، وثالثها الشدة بالأخلاق الرذيلة اللازمة لمحبتها فإن كل واحد منها كحية في جوهر النفس تنهشها، ورابعها شدة الحرمان عن قرب الحضرة الربوبية وبعده عن مشاهدة جلاله وكماله، وخامسها شدة العقوبة بالنار فهو في ظلمات الشدائد بعضها فوق بعض.
* الأصل:
14 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن محمد بن حكيم، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا يصغر ما ينفع يوم القيامة ولا يصغر ما يضر يوم القيامة، فكونوا فيما أخبركم الله عز وجل كمن عاين».
* الشرح:
قوله: (فكونوا فيما أخبركم الله عز وجل كمن عاين) كما أن أمر من عاين الشيء هو اليقين كذلك أمر من سمع اخباره عز وجل هو اليقين به إذ لا كذب قطعا في أخباره تعالى بل هو أولى باليقين لإمكان الغلط في الحس، وإن لم يقع بخلاف اخباره عز وجل فإنه لا يتصور فيه الغلط أصلا.
* الأصل:
15 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم ابن محمد، عن سليمان المنقري، عن حفص بن غياث قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله (عليه السلام)، ثم قال: قال أبي علي ابن أبي طالب (عليه السلام): لا خير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله