وقال القرطبي: حمل بعضهم الحديث على ظاهره لأنه قال يؤتى يوم القيامة بالبهائم فيقال لها كونى ترابا بعد ما يقاد للجماء من القرناء وحينئذ (ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) يدل على أنها ضرب مثل ما جاء في بعض الروايات من الزيادة في هذا الحديث (يريد الحديث الذي نقله مسلم) قال: حتى يقاد من القرناء وللحجر ما ركب على حجر وللعود لم خدش العود لأن الجمادات لا تعقل كلاما (1) فلا ثواب ولا عقاب لها وهو في التمثيل مثل قوله تعالى: (ولو أن قرآنا) الآية وقوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن) الآية وقال الآبي: المسائل العلمية التي لا ترجع للذات ولا للصفات كهذه يصح التمسك فيها به بالآحاد والاستدلال بمجموع ظواهر الآي والأحاديث يرجع إلى التواتر المعنوي والاختلاف فيمن سوى أولاد الأنبياء (عليهم السلام) إنما هو في محلهم بعد البعث لا في بعثهم كذا أظنه توقف الأشعري في بعث المجانين ومن لم يبلغه الدعوة فجوز أن يبعثوا وجوز أن لا يبعثوا ولم يرد عنه قاطع في ذلك، ثم قال: لا معنى لتوقفه; لأن ظاهر الآي والأحاديث بعث الجميع والمسئلة علمية لا ترجع للذات ولا للصفات فيصح التمسك فيها بالآحاد كما تقدم أو يقال مجموع الآي والأحاديث يفيد التواتر المعنوي كما تقدم انتهى.
(وأما الذنب الثالث فذنب ستره الله على خلقه ورزقه التوبة منه فأصبح خائفا من ذنبه راجيا لربه - إلى آخره) لما كانت التوبة أيضا عملا وقبول الأعمال غير متيقن لم يحصل له القطع بالتخلص من العقوبة بعد التوبة كما لم يحصل له القطع بالتخلص منها بالأعمال فلذلك كان التائب بين الخوف والرجاء، وما ورد من أن التائب مغفور وأن الله تعالى لا يعذبه فالمراد منه أنه تعالى إذا قبل توبة عبد لا يعذبه، ولله أعلم.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن بكير، عن زرارة عن حمران، قال: