عليه كذبا قط وإنه قد أخبرني أن ربه أوحى إليه أنه كان قد بعث على الصحيفة المكتوبة بينكم الأرضة فأكلت ما كان فيها من قطيعة رحم وتركت ما كان فيها من أسماء الله عز وجل، فأخرجوا الصحيفة وفكوها فوجدوها كما قال: فآمن بعض وبقي بعض على كفره فرجع النبي عليه السلام وبنو هاشم إلى مكة. هكذا الإمام عليه السلام إذا أذن الله له في الخروج خرج.
وشئ آخر وهو أن الله تعالى ذكره أقدر على أعدائه الكفار من الامام فلو أن قائلا قال:
لم يمهل الله أعداءه ولا يبيدهم؟ وهم يكفرون به ويشركون لكان جوابنا له أن الله تعالى ذكره لا يخاف الفوت فيعاجلهم بالعقوبة ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولا يقال له: لم ولا كيف وهكذا إظهار الامام إلى الله الذي غيبه فمتى أراده أذن فيه فظهر.
فقال الملحد: لست أومن بامام لا أراه ولا تلزمني حجته ما لم أره.
فقلت له: يجب أن تقول: إنه لا يلزمك حجة الله تعالى ذكره لأنك لا تراه ولا تلزمك حجة رسول الله صلى الله عليه وآله لأنك لم تره، فقال للأمير السعيد ركن الدولة رضي الله عنه: أيها الأمير راع ما يذكره هذا الشيخ فإنه يقول: إن الامام إنما غاب ولا يرى لان الله عز وجل لا يرى، فقال له الأمير - رحمه الله -: لقد وضعت كلامه غير موضعه وتقولت عليه، وهذا انقطاع منك وإقرار بالعجز.
وهذا سبيل جميع المجادلين لنا في أمر صاحب زماننا عليه السلام، ما يلفظون في دفع ذلك وجحوده إلا بالهذيان والوساوس والخرافات المموهة. انتهى (1).
وقد رجع إلى نيسابور بعد زيارة مولانا الرضا عليه السلام فوجد أكثر المختلفين إليه من الشيعة قد حيرتهم الغيبة ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة، وعدلوا عن الطريق المستقيم إلى الآراء والمقائيس، فجعل يبذل مجهوده في إرشادهم إلى الحق، وردهم إلى الصواب بالأخبار الواردة الصحيحة في ذلك عن النبي وعترته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.
وكان له قدس سره في كل جمعة وثلاثاء، مجلس يحضره تلامذته وغيرهم يملي عليهم .