ولذا يستحق العقاب عليه ولا يكون معذورا لعجزه لان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار مع عدم جواز صدور لا تغصب بالنسبة إليه.
وما قيل: من أن عقابه إنما هو على مخالفة الحكم الثابت قبل دخوله المغصوبة في غير محله إذ لا يعقل استحقاق العقاب على ارتكاب امر لم يكن حراما حين ارتكابه.
وبما بيناه تبين غاية التبين ان الحكم بالافطار وثبوت القضاء موافق للأصل ومنطبق على القواعد العامة.
ومنه يتبين ان من نذر زيارة مولانا أبى عبد الله الحسين عليهم السلام في كل عرفة فاستطاع الحج يجب عليه تقديم لحج وقضاء زيارة يوم عرفة. توضيح الحال فيه ان زيارة الحسين عليها السلام في عرفة راجح في حد نفسه فينعقد نذره مطلقا، وجوب الحج ويتنجز لأهميته عند الشارع من وجوب الوفاء بالنذر فيصير معذورا فيه وعليه قضائه لان القضاء فرع التعلق لا التنجز.
وما قيل: من عدم وجوب الحج حينئذ لانعقاد نذر زيارة يوم عرفة مطلقا وانعقاده كذلك مانع عن تعلق وجوب الحج لعدم امكان اجتماع وجوبهما حينئذ وقد حصل المتقدم حيث لا مانع فلا يحصل المتأخر في غير محله إذ لا مانع من ثبوت وجوب كل منهما في حد نفسه على وجه الاطلاق اقتضاء وإنما يتزاحمان في مرحلة التنجز فيقدم الأهم حينئذ ومن المعلوم ان وجوب حجة الاسلام أهم فيقدم ويصير معذورا في الوفاء بالنذر.
فان قلت: وجوب حجة الاسلام فرع ثبوت الاستطاعة ومع انعقاد النذر مطلقا لا يكون الناذر مستطيعا للحج فلا يتعلق وجوب الحج به حينئذ.
قلت: انعقاد النذر كذلك إنما يمنع الاستطاعة للحج إذا كان وجوب الوفاء به لهم من وجوب حجة الاسلام لا مطلقا.