وبعضهم فسر الاستقلال والالية بما فسره المحقق الشريف لكن مع القول بخروجهما عن الموضوع له، والالتزام بهما في مرحلة الاستعمال من جهة اشتراط الواضع حين الوضع ان لا يستعملهما الا كذلك.
وفيه مضافا إلى ما مر في كلام الشريف انه لا تأثير لاشتراط الواضع مع اطلاق الموضوع له.
والتحقيق ان الحروف آلات وأدوات متممة لأنحاء استعمالات الأسماء ومركبة للكلمات بعضها مع بعض، فهي موجدة لمعاني معتورة في لفظ غيرها.
توضيح ذلك ان القضية على اقسام ثلاثة: لفظية وذهنية وخارجية وكل منها يشتمل على اجزاء ثلاثة المسند إليه والمسند به والاسناد، والاسناد اللفظي مغاير للاسناد الذهني كما أن الاسناد الذهني مغاير للنسبة الخارجية واللفظ الحاكي عن النسبة الخارجية لا يوجب النسبة اللفظية ولا يتم به امر القضية اللفظية وإنما يصلح القضية اللفظية ما يوجد النسبة بين الألفاظ ويتم به امر استعمالها.
ولذا ترى ان الاسناد الاختصاصي الاستعلائي والظرفي في القضية اللفظية لا يتحصل الا باللام وعلى وفى، ولا يتحصل بلفظ الاختصاص والاستعلاء والظرفية وهكذا الامر في سائر الموارد، فان القضية اللفظية لا تتم الا بالحروف أو ما بمنزلتها من الهيئة التركيبية أو الاشتقاقية، وهذا معنى ما أفاده مهبط الوحي (ع) من أن " الحرف ما أوجد معنى في غيره " على ما رواه في العوالم ونفائس الفنون.
واما ما في بعض النسخ من أن " الحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل " فلعله نقل بالمعنى، لان المعنى الحرفي الموجد في لفظ الاسم أو الفعل يترتب عليه الأنباء عن النسبة الذهنية والخارجية.
وكيف كان فقد تبين بهذا البيان ان مرجع عدم استقلال المعنى الحرفي إلى كونه وجها من وجوه استعمال لفظ غيره، كما أن مرجع استقلال المعنى الأسمى إلى كونه مستعملا فيه بنفسه وعدم كونه وجها من وجوه استعمال لفظ آخر