وقد اختلط الامر على بعض المعاصرين في المقام فجمع بين ما استفدناه من كلام مولانا أمير المؤمنين - عليه وعلى أبنائه الطاهرين سلام الله الملك الأمين - وما ذكره المحقق الشريف بل جعل مدار الفرق على ما ذكره الشريف، فقال بعض مقرري بحثه ان " الفرق بين المعنى الأسمى والحرفي يبتنى على أربعة أركان:
الأول: ان معاني الحروف بأجمعها ايجادية.
والثاني: ان لازم كون المعاني الحرفية ايجادية ان لا واقع لها بما هي معان حرفية في غير التراكيب الكلامية.
الثالث: عدم الفرق بين الهيئات في الاخبار والانشاء في أن معانيها ايجادية الرابع: ان المعنى الحرفي حاله حال الألفاظ حين استعمالاتها فكما ان المستعمل حين الاستعمال لا يرى الا المعنى وغير ملتفت إلى الألفاظ، كذلك المعنى الحرفي غير ملتف إليه حال الاستعمال بل الملتفت إليه هي المعاني الاسمية الاستقلالية.
توضيح ذلك انك تارة تخبر عن نفس السير الخاص فتقول: سرت من البصرة فالنسبة الابتدائية في هذا المقام مغفول عنها، وأخرى عن نفس النسبة فتقول النسبة الابتدائية كذا فهي الملتفت إليها.
وهذا الركن هو الركن الركين وبانهدامه ينهدم الأركان كلها، فان المعاني الحرفية لو كانت ملتفتا إليها لكانت اخطارية ولكان لها واقعية سوى التراكيب الكلامية انتهى ما أردناه. وكأنه زعم أن لازم كون المعاني الحرفية الموجدة في التراكيب وهي النسب اللفظية توطئة كاللفظ كون ما يقابلها من النسب الذهنية والخارجية كذلك وهو غفلة واضحة، لان كون النسب اللفظية توطئة لا يلازم كون ما يقابلها توطئة بل يستحيل ذلك في النسب النفس الامرية، إذ لا يقابلها شئ حتى يكون توطئة له نعم يتصور ذلك في النسب الذهنية فإنها قد تلحظ توطئة لإفادة النسبة الخارجية كما هو الشائع الغالب في القضايا الصادرة من المتكلم في مقام الإفادة والاستفادة،