غيرها استعمالا على السواء فالحلف بها يكون يمينا أيضا ومنها ما يستعمل في الصفة وفي غيرها لكن استعمالها في غير الصفة هو الغالب فالحلف بها لا يكون يمينا وعن مشايخنا من قال ما تعارفه الناس يمينا يكون يمينا إلا ما ورد الشرع بالنهي عنه وما لم يتعارفوه يمينا لا يكون يمينا وبيان هذه الجملة إذا قال وعزة الله وعظمة الله وجلاله وكبريائه يكون حالفا لأن هذه الصفات إذا ذكرت في العرف والعادة لا يراد بها الا نفسها فكان مراد الحالف بها الحلف بالله تعالى وكذا الناس يتعارفون الحلف بهذه الصفات ولم يرد الشرع بالنهي عن الحلف بها وكذا لو قال وقدرة الله تعالى وقوته وارادته ومشيئته ورضاه ومحبته وكلامه يكون حالفا لأن هذه الصفات وإن كانت تستعمل في غير الصفة كما تستعمل في الصفة لكن الصفة تعينت مرادة بدلالة القسم إذ لا يجوز القسم بغير اسم الله تعالى وصفاته فالظاهر إرادة الصفة بقرينة القسم وكذا الناس يقسمون بها في المتعارف فكان الحلف بها يمينا ولو قال ورحمة الله أو غضبه أو سخطه لا يكون هذا يمينا لأنه يراد بهذه الصفات آثارها عادة لا نفسها فالرحمة يراد بها الجنة قال الله تعالى ففي رحمة الله هم فيها خالدون والغضب والسخط يراد به أثر الغضب والسخط عادة وهو العذاب والعقوبة لا نفس الصفة فلا يصير به حالفا إلا إذا نوى به الصفة وكذا العرب ما تعارفت القسم بهذه الصفات فلا يكون الحلف بها يمينا وكذا وعلم الله لا يكون يمينا استحسانا والقياس أن يكون يمينا وهو قول الشافعي لان علم الله تعالى صفة كالعزة والعظمة (ولنا) انه يراد به المعلوم عادة يقال اللهم اغفر لنا علمك فينا أي معلومك منا ومن زلاتنا ويقال هذا علم أبي حنيفة أي معلومه لان علم أبي حنيفة قائم بأبي حنيفة لا يزايله ومعلوم الله تعالى قد يكون غير الله تعالى من العالم بأعيانها واعراضها والمعدومات كلها لان المعدوم معلوم فلا يكون الحلف به يمينا الا إذا أراد به الصفة وكذا العرب لم تتعارف القسم بعلم الله تعالى فلا يكون يمينا بدون النية وسئل محمد عمن قال وسلطان الله فقال لا أرى من يحلف بهذا أي لا يكون يمينا وذكر القدوري انه ان أراد بالسلطان القدرة يكون حالفا كما لو قال وقدرة الله وان أراد المقدور لا يكون حالفا لأنه حلف بغير الله ولو قال وأمانة الله ذكر في الأصل أنه يكون يمينا وذكر ابن سماعة عن أبي يوسف انه لا يكون يمينا وذكر الطحاوي عن أصحابنا جميعا انه ليس بيمين وجه ما ذكره الطحاوي ان أمانة الله فرائضه التي تعبد عباده بها من الصلاة والصوم وغير ذلك قال الله تعالى إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان فكان حلفا بغير اسم الله عز وجل فلا يكون يمينا (وجه) ما ذكره في الأصل ان الأمانة المضافة إلى الله تعالى عند القسم يراد بها صفته ألا ترى ان الأمين من أسماء الله تعالى وانه اسم مشتق من الأمانة فكان المراد بها عند الاطلاق خصوصا في مواضع القسم صفة الله ولو قال وعهد الله فهو يمين لان العهد يمين لما يذكر فصار كأنه قال ويمين الله وذلك يمين فكذا هذا ولو قال باسم الله لا افعل كذا يكون يمينا كذا روى عن محمد لان الاسم والمسمى واحد عند أهل السنة والجماعة فكان الحلف بالاسم حلفا بالذات كأنه قال بالله ولو قال ووجه الله فهو يمين كذا روى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة لان الوجه المضاف إلى الله تعالى يراد به الذات قال تعالى كل شئ هالك الا وجهه أي ذاته وقال عز وجل ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام أي ذاته وذكر الحسن بن زياد عن أبي حنيفة ان الزجل إذا قال ووجه الله لا أفعل كذا ثم فعل انها ليست بيمين وقال ابن شجاع انها ليست من ايمان الناس إنما هي حلف السفلة وروى المعلى عن محمد إذا قال لا اله إلا الله لا أفعل كذا وكذا لا يكون يمينا إلا أن ينوي يمينا وكذا قوله سبحان الله والله أكبر لا أفعل كذا لان العادة ما جرت بالقسم بهذا اللفظ وإنما يذكر هذا قبل الخبر على طريق التعجب فلا يكون يمينا الا إذا نوى اليمين فكأنه حذف حرف القسم فيكون حالفا وعن محمد فيمن قال وملكوت الله وجبروت الله انه يمين لأنه من صفاته التي لا تستعمل الا في الصفة فكان الحلف به يمينا كقوله وعظمة الله وجلاله وكبريائه ولو قال وعمر الله لا أفعل كذا كان يمينا لان هذا حلف ببقاء الله وهو لا يستعمل الا في الصفة وكذا الحلف به متعارف قال الله عز وجل لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون وقال طرفة
(٦)