أصحابنا الثلاثة وقال زفر له على يمين لا يكون يمينا (وجه) قوله على ما ذكرنا فيما تقدم ان اليمين قد يكون بالله وقد يكون بغير الله تعالى فلا ينعقد يمينا بالشك (ولنا) أن قوله على يمين الله إذ لا يجوز اليمين بغير الله تعالى وقوله يمين الله دون قوله على يمين فكيف معه أو يقال معنى قوله على يمين أو يمين الله اي على موجب يمين الله الا انه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه طلبا للتخفيف عند كثرة الاستعمال ولو قال على عهد الله أو ذمة الله أو ميثاقه فهو يمين لان اليمين بالله تعالى هي عهد الله على تحقيق أو نفيه ألا ترى إلى قوله تعالى وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم ثم قال سبحانه وتعالى ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وجعل العهد يمينا والذمة هي العهد ومنه أهل الذمة أي أهل العهد والميثاق والعهد من الأسماء المترادفة وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا قال في وصيته إياهم وان أرادوكم ان تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تعطوهم أي عهد الله وعهد رسوله ولو قال إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو برئ عن الاسلام أو كافرا ويعبد من دون الله أو يعبد الصليب أو نحو ذلك مما يكون اعتقاده كفرا فهو يمين استحسانا والقياس انه لا يكون يمينا وهو قول الشافعي وجه القياس انه علق الفعل المحلوف عليه بما هو معصية فلا يكون حالفا كما لو قال إن فعل كذا فهو شارب خمرا أو آكل ميتة وجه الاستحسان ان الحلف بهذه الألفاظ متعارف بين الناس فإنهم يحلفون بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير ولو لم يكن ذلك حلفا لما تعارفوا لان الحلف بغير الله تعالى معصية فدل تعارفهم على أنهم جعلوا ذلك كناية عن الحلف بالله عز وجل وان لم يعقل وجه الكناية فيه كقول العرب لله على أن أضرب ثوبي حطيم الكعبة ان ذلك جعل كناية عن التصدق في عرفهم وان لم يعقل وجه الكناية فيه كذا هذا إذا أضاف اليمين إلى المستقبل فاما إذا أضاف إلى الماضي بان قال هو يهودي أو نصراني ان فعل كذا لشئ قد فعله فهذا يمين الغموس بهذا اللفظ ولا كفارة فيه عندنا لكنه هل يكفر لم يذكر في الأصل وعن محمد ابن مقاتل الرازي انه يكفر لأنه علق الكفر بشئ يعلم أنه موجود فصار كأنه قال هو كافر بالله وكتب نصر بن يحيى إلى ابن شجاع يسأله عن ذلك فقال لا يكفر وهكذا روى عن أبي يوسف انه لا يكفر وهو الصحيح لأنه ما قصد به الكفر ولا اعتقده وإنما قصد به ترويج كلامه وتصديقه فيه ولو قال عصيت الله ان فعلت كذا أو عصيته في كل ما افترض على فليس بيمين لان الناس ما اعتادوا الحلف بهذه الألفاظ ولو قال هو يأكل الميتة أو يستحل الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة والزكاة ان فعل كذا فليس شئ من ذلك يمينا لأنه ليس بايجاب بل هو اخبار عن فعل المعصية في المستقبل بخلاف قوله هو يهودي أو نحوه لان ذلك ايجاب في الحال وكذلك لو دعى على نفسه بالموت أو عذاب النار بان قال عليه عذاب الله ان فعل كذا أو قال أماته الله ان فعل كذا لان هذا ليس بايجاب بل دعاء على نفسه ولا يحلف بالآباء والأمهات والأبناء ولو حلف بشئ من ذلك لا يكون يمينا لأنه حلف بغير الله تعالى والناس وان تعارفوا الحلف بهم لكن الشرع نهى عنه وروى عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت فمن كان حالفا فيحلف بالله أو ليذر وروى عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد أشرك ولان هذا النوع من الحلف لتعظيم المحلوف وهذا النوع من التعظيم لا يستحقه الا الله تعالى ولو قال ودين الله أو طاعته أو شرائعه أو أنبيائه وملائكته أو عرشه لم يكن يمينا لأنه حلف بغير الله ومن الناس من قال الحلف بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وغيرهم يمين وهذا غير سديد للحديث ولأنه حلف بغير الله فلا يكون قسما كالحلف بالكعبة كذا لو قال وبيت الله أو حلف بالكعبة أو بالمشعر الحرام أو بالصفا أو بالمروة أو بالصلاة أو الصوم أو الحج لان كل ذلك حلف بغير الله عز وجل وكذا الحلف بالحجر الأسود والقبر والمنبر لما قلنا ولا يحلف بالسماء ولا بالأرض ولا بالشمس ولا بالقمر والنجوم ولا بكل شئ سوى الله تعالى وصفاته العلية لما قلنا وقد قال أبو حنيفة لا يحلف الا بالله متجردا بالتوحيد والاخلاص ولو قال وعبادة وحمد الله فليس بيمين لأنه حلف بغير الله ألا ترى ان العبادة والحمد فعلك ولو قال بالقرآن أو بالمصحف أو بسورة كذا من القرآن فليس بيمين لأنه حلف بغير الله تعالى وأما المصحف فلا شك فيه وأما
(٨)