بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٨
أصحابنا الثلاثة وقال زفر له على يمين لا يكون يمينا (وجه) قوله على ما ذكرنا فيما تقدم ان اليمين قد يكون بالله وقد يكون بغير الله تعالى فلا ينعقد يمينا بالشك (ولنا) أن قوله على يمين الله إذ لا يجوز اليمين بغير الله تعالى وقوله يمين الله دون قوله على يمين فكيف معه أو يقال معنى قوله على يمين أو يمين الله اي على موجب يمين الله الا انه حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه طلبا للتخفيف عند كثرة الاستعمال ولو قال على عهد الله أو ذمة الله أو ميثاقه فهو يمين لان اليمين بالله تعالى هي عهد الله على تحقيق أو نفيه ألا ترى إلى قوله تعالى وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم ثم قال سبحانه وتعالى ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وجعل العهد يمينا والذمة هي العهد ومنه أهل الذمة أي أهل العهد والميثاق والعهد من الأسماء المترادفة وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا قال في وصيته إياهم وان أرادوكم ان تعطوهم ذمة الله وذمة رسوله فلا تعطوهم أي عهد الله وعهد رسوله ولو قال إن فعل كذا فهو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو برئ عن الاسلام أو كافرا ويعبد من دون الله أو يعبد الصليب أو نحو ذلك مما يكون اعتقاده كفرا فهو يمين استحسانا والقياس انه لا يكون يمينا وهو قول الشافعي وجه القياس انه علق الفعل المحلوف عليه بما هو معصية فلا يكون حالفا كما لو قال إن فعل كذا فهو شارب خمرا أو آكل ميتة وجه الاستحسان ان الحلف بهذه الألفاظ متعارف بين الناس فإنهم يحلفون بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير ولو لم يكن ذلك حلفا لما تعارفوا لان الحلف بغير الله تعالى معصية فدل تعارفهم على أنهم جعلوا ذلك كناية عن الحلف بالله عز وجل وان لم يعقل وجه الكناية فيه كقول العرب لله على أن أضرب ثوبي حطيم الكعبة ان ذلك جعل كناية عن التصدق في عرفهم وان لم يعقل وجه الكناية فيه كذا هذا إذا أضاف اليمين إلى المستقبل فاما إذا أضاف إلى الماضي بان قال هو يهودي أو نصراني ان فعل كذا لشئ قد فعله فهذا يمين الغموس بهذا اللفظ ولا كفارة فيه عندنا لكنه هل يكفر لم يذكر في الأصل وعن محمد ابن مقاتل الرازي انه يكفر لأنه علق الكفر بشئ يعلم أنه موجود فصار كأنه قال هو كافر بالله وكتب نصر بن يحيى إلى ابن شجاع يسأله عن ذلك فقال لا يكفر وهكذا روى عن أبي يوسف انه لا يكفر وهو الصحيح لأنه ما قصد به الكفر ولا اعتقده وإنما قصد به ترويج كلامه وتصديقه فيه ولو قال عصيت الله ان فعلت كذا أو عصيته في كل ما افترض على فليس بيمين لان الناس ما اعتادوا الحلف بهذه الألفاظ ولو قال هو يأكل الميتة أو يستحل الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة والزكاة ان فعل كذا فليس شئ من ذلك يمينا لأنه ليس بايجاب بل هو اخبار عن فعل المعصية في المستقبل بخلاف قوله هو يهودي أو نحوه لان ذلك ايجاب في الحال وكذلك لو دعى على نفسه بالموت أو عذاب النار بان قال عليه عذاب الله ان فعل كذا أو قال أماته الله ان فعل كذا لان هذا ليس بايجاب بل دعاء على نفسه ولا يحلف بالآباء والأمهات والأبناء ولو حلف بشئ من ذلك لا يكون يمينا لأنه حلف بغير الله تعالى والناس وان تعارفوا الحلف بهم لكن الشرع نهى عنه وروى عن رسول الله صلى عليه وسلم أنه قال لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت فمن كان حالفا فيحلف بالله أو ليذر وروى عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد أشرك ولان هذا النوع من الحلف لتعظيم المحلوف وهذا النوع من التعظيم لا يستحقه الا الله تعالى ولو قال ودين الله أو طاعته أو شرائعه أو أنبيائه وملائكته أو عرشه لم يكن يمينا لأنه حلف بغير الله ومن الناس من قال الحلف بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وغيرهم يمين وهذا غير سديد للحديث ولأنه حلف بغير الله فلا يكون قسما كالحلف بالكعبة كذا لو قال وبيت الله أو حلف بالكعبة أو بالمشعر الحرام أو بالصفا أو بالمروة أو بالصلاة أو الصوم أو الحج لان كل ذلك حلف بغير الله عز وجل وكذا الحلف بالحجر الأسود والقبر والمنبر لما قلنا ولا يحلف بالسماء ولا بالأرض ولا بالشمس ولا بالقمر والنجوم ولا بكل شئ سوى الله تعالى وصفاته العلية لما قلنا وقد قال أبو حنيفة لا يحلف الا بالله متجردا بالتوحيد والاخلاص ولو قال وعبادة وحمد الله فليس بيمين لأنه حلف بغير الله ألا ترى ان العبادة والحمد فعلك ولو قال بالقرآن أو بالمصحف أو بسورة كذا من القرآن فليس بيمين لأنه حلف بغير الله تعالى وأما المصحف فلا شك فيه وأما
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248