بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٣
في المرعوب وذلك أن الانسان إذا دعاه طبعه إلى فعل لما يتعلق به من اللذة الحاضرة فعقله يزجره عنه لما يتعلق به من العاقبة الوخيمة وربما لا يقاوم طبعه فيحتاج إلى أن يتقوى على الجري على موجب العقل فيحلف بالله تعالى لما عرف من قبح هتك حرمة اسم الله تعالى وكذا إذا دعاه عقله إلى فعل تحسن عاقبته وطبعه يستثقل ذلك فيمنعه عنه فيحتاج إلى اليمين بالله تعالى ليتقوى بها على التحصيل وهذا المعنى يوجد في الحلف بالطلاق والعتاق لان الحالف يتقوى به على الامتناع من تحصيل الشرط خوفا من الطلاق والعتاق الذي هو مستثقل على طبعه فثبت ان معنى اليمين يوجد في النوعين فلا معنى للفصل بين نوع ونوع والدليل عليه ان محمدا سمى الحلف بالطلاق والعتاق في أبواب الايمان من الأصل والجامع يمينا وقوله حجة في اللغة ثم اليمين بالله تعالى منقسم ثلاثة أقسام في عرف الشرع يمين الغموس ويمين اللغو ويمين معقودة وذكر محمد في أول كتاب الايمان من الأصل وقال الايمان ثلاثة يمين مكفرة ويمين لا تكفر ويمين نرجو ان لا يؤاخذ الله بها صاحبها وفسر الثالثة بيمين اللغو وإنما أراد محمد بقوله الايمان ثلاث الايمان بالله تعالى لا جنس الايمان لان ذلك كثير فان قيل كيف أخبر محمد عن انتفاء المؤاخذة بلغو اليمين بلفظة الترجي وانتفاء المؤاخذة بهذا النوع من اليمين مقطوع به بنص الكتاب وهو قوله عز وجل لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان يمين اللغو هي اليمين الكاذبة لكن لا عن قصد بل خطأ أو غلطا على ما نذكر تفسيرها إن شاء الله تعالى والتحرز عن فعله ممكن في الجملة وحفظ النفس عنه مقدور فكان جائز المؤاخذة عليه لكن الله تعالى رفع المؤاخذة عليه رحمة وفضلا ولهذا يجب الاستغفار والتوبة عن فعل الخطا والنسيان كذلك فذكر محمد لفظ الرجاء ليعلم أن الله تفضل برفع المؤاخذة في هذا النوع بعدما كان جائز المؤاخذة عليه والثاني ان المؤاخذة وإن كانت منتفية عن هذا النوع قطعا لكن العلم بمراد الله تعالى من اللغو المذكور غير مقطوع به بل هو محل الاجتهاد على ما نذكره إن شاء الله تعالى والعلم الحاصل عن اجتهاد علم غالب الرأي وأكثر الظن لا علم القطع فاستعمل محمد لفظة الرجاء لاحتمال ان لا يكون مراد الله تعالى من اللغو المذكور ما أفضى إليه اجتهاد محمد فكان استعمال لفظة الرجاء في موضعه وذكر الكرخي وقال اليمين على ضربين ماض ومستقبل وهذه القسمة غير صحيحة لان من شرط صحتها أن تكون محيطة بجميع اجزاء المقسوم به ولم يوجد لخروج الحال عنها وانها داخلة في يمين الغموس ويمين اللغو على ما نذكر تفسيرهما فكانت القسمة ناقصة والنقصان في القسمة من عيوب القسمة كالزيادة فكانت القسمة الصحيحة ما ذكرنا لوقوعها حاصرة جميع أجزاء المقسوم بحيث لا يشذ عنها جزء وكذا ما ذكر محمد صحيح الا انه بين كل نوع بنفسه وحكمه دفعة واحدة ونحن أخرنا بيان الحكم عن بيان النوع سوقا للكلام على الترتيب الذي ضمناه أما يمين الغموس فهي الكاذبة قصدا في الماضي والحال على النفي أو على الاثبات وهي الخير عن الماضي أو الحال فعلا أو تركا متعمدا للكذب في ذلك مقرونا بذكر اسم الله تعالى نحو أن يقول والله ما فعلت كذا وهو يعلم أنه فعله أو يقول والله لقد فعلت كذا وهو يعلم أنه لم يفعله أو يقول والله ما لهذا على دين وهو يعلم أن له عليه دينا فهذا تفسير يمين الغموس وأما يمين اللغو فقد اختلف في تفسيرها قال أصحابنا هي اليمين الكاذبة خطأ أو غلطا في الماضي أو في الحال وهي ان يخبر عن الماضي أو عن الحال على الظن ان المخبر به كما أخبر وهو بخلافه في النفي أوفى لاثبات نحو قوله والله ما كلمت زيدا وفي ظنه انه لم يكلمه أو والله لقد كلمت زيد ا وفي ظنه انه كلمه وهو بخلافه أو قال والله ان هذا الجائي لزيد ان هذا الطائر لغراب وفي ظنه انه كذلك ثم تبين بخلافه وهكذا روى ابن رستم عن محمد أنه قال اللغو ان يحلف الزجل على الشئ وهو يرى أنه حق وليس بحق وقال الشافعي يمين اللغو هي اليمين التي لا يقصدها الحالف وهو ما يجرى على السن الناس في كلامهم من غير قصد اليمين من قولهم لا والله بلى والله سواء كان في الماضي أو الحال أو المستقبل وأما عندنا فلا لغو في المستقبل بل اليمين على أمر في المستقبل يمين معقودة وفيها الكفارة إذا حنث قصد اليمين أو لم يقصد وإنما اللغو في الماضي والحال فقط وما ذكر محمد على أثر حكايته عن أبي حنيفة ان اللغو ما يجرى بين الناس من قولهم لا والله وبلى والله فذلك محمول عندنا على الماضي أو الحال وعندنا ذلك لغو فيرجع حاصل الخلاف بيننا وبين الشافعي في يمين
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248