لعمرك ان الموت ما أخطأ الفتى * لك الطول المرجى وتبناه باليد ولو قال وأيم الله لا أفعل كذا كان يمينا لان هذا من صلات اليمن عند البصريين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في زيد بن حارثة رضي الله عنه حين امره في حرب موته وقد بلغه الطعن وأيم الله لخليق للامارة وعند الكوفيين هو جمع اليمين تقديره وأيمن الله الا ان النون أسقطت عند كثرة الاستعمال للتخفيف كما في قوله تعالى حنيفا ولم يك من المشركين والأيمن جمع يمين فكأنه قال ويمين الله وانه حلف بالله تعالى لان العرب تعارفته يمينا قال امرؤ القيس فقلت يمين الله أبرح قاعدا * وان قطعت رأسي لديك وأوصالي حلفت لها بالله حلفة فاجر * لناموا فما ان من حديث ولا صالي وقالت عنيزة فقالت يمين الله مالك حيلة * وما ان أرى عنك الغواية تنجلي فقد استعمل امرؤ القيس يمين الله وسماه حلفا بالله ولو قال وحق الله لا يكون حالفا في قول أبي حنيفة ومحمد واحدى الروايتين عن أبي يوسف وروى عنه رواية أخرى أنه يكون يمينا ووجهه ان قوله وحق الله وإن كان إضافة الحق إلى الله تعالى لكن الشئ قد يضاف إلى نفسه في الجملة والحق من أسماء الله تعالى فكأنه قال والله الحق ولهما ان الأصل ان يضاف الشئ إلى غيره لا إلى نفسه فكان حلفا بغير الله تعالى فلا يكون يمينا ولان الحق المضاف إلى الله تعالى يراد به الطاعات والعبادات لله تعالى في عرف الشرع ألا ترى أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له ما حق الله على عباده فقال إن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا والحلف بعبادة الله وطاعته لا يكون يمينا ولو قال والحق يكون يمينا لان الحق من أسماء الله تعالى قال الله تعالى ويعلمون ان الله هو الحق المبين وقيل إن نوى به اليمين يكون يمينا والا فلا لان اسم الحق كما يطلق على الله تعالى يطلق على غيره فيقف على النية ولو قال حقا لا رواية فيه واختلف المشايخ قال محمد بن سلمة لا يكون يمينا لان قوله حقا بمنزلة قوله صدقا وقال أبو مطيع هو يمين لان الحق من أسماء الله تعالى فقوله حقا كقوله والحق ولو قال اقسم بالله أو احلف أو اشهد بالله أو اعزم بالله كان يمينا عندنا وعند الشافعي لا يكون يمينا الا إذا نوى اليمين لأنه يحتمل الحال ويحتمل الاستقبال فلابد من النية ولنا أن صيغة افعل للحال حقيقة وللاستقبال بقرينة السين وسوف وهو الصحيح فكان هذا اخبارا عن حلفه بالله للحال وهذا إذا ظهر المقسم به فإن لم يظهر بان قال اقسم أو احلف أو اشهد أو اعزم كان يمينا في قول أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يكون يمينا (وجه) قوله إنه إذا لم يذكر المحلوف به فيحتمل انه أراد به الحلف بالله ويحتمل انه أراد به الحلف بغير الله تعالى فلا يجعل حلفا مع الشك (ولنا) ان القسم لما لم يجز الا بالله عز وجل كان الاخبار عنه اخبارا عما لا يجوز بدونه كما في قوله تعالى واسأل القرية التي كنا فيها ونحو ذلك ولان العرب تعارفت الحلف على هذا الوجه قال الله تعالى يحلفون لكم لترضوا عنهم ولم يقل بالله وقال سبحانه وتعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله فالله سبحانه وتعالى سماه يمينا بقوله تعالى اتخذوا ايمانهم جنة وقال تعالى إذا أقسموا ليصرمنها مصبحين ولم يذكر بالله ثم سماه قسما والقسم لا يكون الا بالله تعالى في عرف الشرع واستدل محمد بقوله ولا يستثنون فقال أفيكون الاستثناء الا في اليمين وفيه نظر لان الاستثناء لا يستدعي تقدم اليمين لا محالة وإنما يستدعي الاخبار عن أمر يفعله في المستقبل كما قال تعالى ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله وقوله اعزم معناه أوجب فكان اخبارا عن الايجاب في الحال وهذا معنى اليمين وكذا لو قال عزمت لا أفعل كذا كان حالفا وكذا لو قال آليت لا أفعل كذا لان الالية هي اليمين وكذا لو قال على نذر أو نذر الله فهو يمين لقوله صلى الله عليه وسلم من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى ومن نذر ولم يسم فعليه كفارة يمين وقال صلى الله عليه وسلم النذر يمين وكفارته كفارة اليمين وروى أن عبد الله بن الزبير قال لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها فبلغ ذلك عائشة فقالت أو قال ذلك قالوا نعم فقالت لله نذر ان كلمته أبدا فاعتق عن يمينها عبدا وكذا قوله على يمين أو يمين الله في قول
(٧)