لا يقصدها الحالف في المستقبل عندنا ليس بلغو وفيها الكفارة وعنده هي لغو ولا كفارة فيها وقال بعضهم يمين اللغو هي اليمين على المعاصي نحو أن يقول والله لا أصلي صلاة الظهر ولا أصوم صوم شهر رمضان أو لا أكلم أبوي أو يقول والله لأشربن الخمر أو لأزنين أو لأقتلن فلانا ثم منهم من يوجب الكفارة إذا حنث في هذه اليمين ومنهم من لا يوجب وجه قول هؤلاء ان اللغو هو الاثم في اللغة قال الله تعالى وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه أي كلاما فيه إثم فقالوا إن معنى قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم أي لا يؤاخذكم الله بالاثم في أيمانكم على المعاصي بنقضها والحنث فيها لان الله تعالى جعل قوله في سورة البقرة لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم صلة قوله عز وجل ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس وقيل في القصة ان الرجل كان يحلف ان لا يصنع المعروف ولا يبر ولا يصل أقرباءه ولا يصلح بين الناس فإذا أمر بذلك يتعلل ويقول إني حلفت على ذلك فأخبر الله تعالى بقوله سبحانه لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم الآية لأنه لا مأثم عليهم بنقض ذلك اليمين وتحنيث النفس فيها وان المؤاخذ بالاثم فيها بحفظها والاصرار عليها بقوله ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم وبقوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ثم منهم من أوجب الكفارة لقوله تعالى في هذه الآية فكفارته إلى قوله ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم اي حلفتم وحنثتم ومنهم من لم يوجب فيها الكفارة أصلا لما نذكر إن شاء الله تعالى في بيان حكم اليمين وجه قول الشافعي ما روى عن عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن يمين اللغو فقالت هي أن يقول الرجل في كلامه لا والله وبلى والله وعن عطاء رضي الله عنه انه سئل عن يمين اللغو فقال قالت عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله فثبت موقوفا ومرفوعا ان تفسير يمين اللغو ما قلنا من غير فصل بين الماضي والمستقبل فكان لغوا على كل حال إذا لم يقصده الحالف ولان الله تعالى قابل يمين اللغو باليمين المكسوبة بالقلب بقوله عز وجل لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والمكسوبة هي المقصودة فكان غير المقصودة داخلا في قسم اللغو تحقيقا للمقابلة (ولنا) قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان قابل يمين اللغو باليمين المعقودة وفرق بينهما في المؤاخذة ونفيها فيجب أن تكون يمين اللغو غير اليمين المعقودة تحقيقا للمقابلة واليمين في المستقبل يمين معقودة سواء وجد القصد أو لا ولان اللغو في اللغة اسم للشئ الذي لا حقيقة له قال الله تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما أي باطلا وقال عز وجل خبرا عن الكفرة والغوا فيه لعلكم تغلبون وذلك فيما قلنا وهو الحلف بما لا حقيقة له بل على ظن من الحالف ان الامر كما حلف عليه والحقيقة بخلافه وكذا ما يجرى على اللسان من غير قصد لكن في الماضي أو الحال فهو مما لا حقيقة له فكان لغوا ولان اللغو لما كان هو الذي لا حقيقة له كان هو الباطل الذي لا حكم له فلا يكون يمينا معقودة لان لها حكما ألا ترى ان المؤاخذة فيها ثابتة وفيها الكفارة بالنص فدل ان المراد من اللغو ما قلنا وهكذا روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير يمين اللغو هي ان يحلف الرجل على اليمين الكاذبة وهو يرى أنه صادق وبه تبين أن المراد من قول عائشة رضي الله عنها وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمين اللغو ما يجرى في كلام الناس لا والله وبلى والله في الماضي لا في المستقبل والدليل عليه أنها فسرتها بالماضي في بعض الروايات وروى عن مطر عن رجل قال دخلت انا وعبد الله بن عمر على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن يمين اللغو فقالت قول الرجل فعلنا والله كذا وصنعنا والله كذا فتحمل تلك الرواية على هذا وتوفيقا بين الروايتين إذ المجمل محمول على المفسر وأما قوله إن الله سبحانه وتعالى قابل اللغو باليمين المكسوبة فنقول في تلك الآية قابلها بالمكسوبة وفي هذه الآية قابلها بالمعقودة ومتى أمكن حمل الآيتين على التوافق كان أولى من الحمل على التعارض فنجمع بين حكم الآيتين فنقول يمين اللغو التي هي غير مكسوبة وغير معقودة والمخالف عطل احدى الآيتين فكنا أسعد حالا منه وأما قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا الآية فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ذلك نهي عن الحلف على الماضي معناه ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا أي لا تحلفوا ان
(٤)