بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٤
لا يقصدها الحالف في المستقبل عندنا ليس بلغو وفيها الكفارة وعنده هي لغو ولا كفارة فيها وقال بعضهم يمين اللغو هي اليمين على المعاصي نحو أن يقول والله لا أصلي صلاة الظهر ولا أصوم صوم شهر رمضان أو لا أكلم أبوي أو يقول والله لأشربن الخمر أو لأزنين أو لأقتلن فلانا ثم منهم من يوجب الكفارة إذا حنث في هذه اليمين ومنهم من لا يوجب وجه قول هؤلاء ان اللغو هو الاثم في اللغة قال الله تعالى وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه أي كلاما فيه إثم فقالوا إن معنى قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم أي لا يؤاخذكم الله بالاثم في أيمانكم على المعاصي بنقضها والحنث فيها لان الله تعالى جعل قوله في سورة البقرة لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم صلة قوله عز وجل ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس وقيل في القصة ان الرجل كان يحلف ان لا يصنع المعروف ولا يبر ولا يصل أقرباءه ولا يصلح بين الناس فإذا أمر بذلك يتعلل ويقول إني حلفت على ذلك فأخبر الله تعالى بقوله سبحانه لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم الآية لأنه لا مأثم عليهم بنقض ذلك اليمين وتحنيث النفس فيها وان المؤاخذ بالاثم فيها بحفظها والاصرار عليها بقوله ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم وبقوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ثم منهم من أوجب الكفارة لقوله تعالى في هذه الآية فكفارته إلى قوله ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم اي حلفتم وحنثتم ومنهم من لم يوجب فيها الكفارة أصلا لما نذكر إن شاء الله تعالى في بيان حكم اليمين وجه قول الشافعي ما روى عن عائشة رضي الله عنها انها سئلت عن يمين اللغو فقالت هي أن يقول الرجل في كلامه لا والله وبلى والله وعن عطاء رضي الله عنه انه سئل عن يمين اللغو فقال قالت عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله فثبت موقوفا ومرفوعا ان تفسير يمين اللغو ما قلنا من غير فصل بين الماضي والمستقبل فكان لغوا على كل حال إذا لم يقصده الحالف ولان الله تعالى قابل يمين اللغو باليمين المكسوبة بالقلب بقوله عز وجل لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والمكسوبة هي المقصودة فكان غير المقصودة داخلا في قسم اللغو تحقيقا للمقابلة (ولنا) قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان قابل يمين اللغو باليمين المعقودة وفرق بينهما في المؤاخذة ونفيها فيجب أن تكون يمين اللغو غير اليمين المعقودة تحقيقا للمقابلة واليمين في المستقبل يمين معقودة سواء وجد القصد أو لا ولان اللغو في اللغة اسم للشئ الذي لا حقيقة له قال الله تعالى لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما أي باطلا وقال عز وجل خبرا عن الكفرة والغوا فيه لعلكم تغلبون وذلك فيما قلنا وهو الحلف بما لا حقيقة له بل على ظن من الحالف ان الامر كما حلف عليه والحقيقة بخلافه وكذا ما يجرى على اللسان من غير قصد لكن في الماضي أو الحال فهو مما لا حقيقة له فكان لغوا ولان اللغو لما كان هو الذي لا حقيقة له كان هو الباطل الذي لا حكم له فلا يكون يمينا معقودة لان لها حكما ألا ترى ان المؤاخذة فيها ثابتة وفيها الكفارة بالنص فدل ان المراد من اللغو ما قلنا وهكذا روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير يمين اللغو هي ان يحلف الرجل على اليمين الكاذبة وهو يرى أنه صادق وبه تبين أن المراد من قول عائشة رضي الله عنها وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمين اللغو ما يجرى في كلام الناس لا والله وبلى والله في الماضي لا في المستقبل والدليل عليه أنها فسرتها بالماضي في بعض الروايات وروى عن مطر عن رجل قال دخلت انا وعبد الله بن عمر على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن يمين اللغو فقالت قول الرجل فعلنا والله كذا وصنعنا والله كذا فتحمل تلك الرواية على هذا وتوفيقا بين الروايتين إذ المجمل محمول على المفسر وأما قوله إن الله سبحانه وتعالى قابل اللغو باليمين المكسوبة فنقول في تلك الآية قابلها بالمكسوبة وفي هذه الآية قابلها بالمعقودة ومتى أمكن حمل الآيتين على التوافق كان أولى من الحمل على التعارض فنجمع بين حكم الآيتين فنقول يمين اللغو التي هي غير مكسوبة وغير معقودة والمخالف عطل احدى الآيتين فكنا أسعد حالا منه وأما قوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا الآية فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ذلك نهي عن الحلف على الماضي معناه ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا أي لا تحلفوا ان
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248