(فصل) وأما بيان حكم الطلاق فحكم الطلاق يختلف باختلاف الطلاق من الرجعي والبائن ويتعلق بكل واحد منهما أحكام بعضها أصلى وبعضها من التوابع أما الطلاق الرجعي فالحكم الأصلي له هو نقصان العدد فاما زوال الملك وحل الوطئ فليس بحكم أصلى له لأنه لازم حتى لا يثبت للحال وإنما يثبت في الثاني بعد انقضاء العدة فان طلقها ولم يراجعها بل تركها حتى أنقضت عدتها بانت وهذا عندنا وعند الشافعي زوال حل الوطئ من أحكامه الأصلية حتى لا يحل له وطؤها قبل الرجعة واليه مال أبو عبد الله البصري وأما زوال الملك فقد اختلف فيه أصحابنا قال بعضهم الملك يزول في حق حل الوطئ لا غير وقال بعضهم لا يزول أصلا وإنما يحرم وطؤها مع قيام الملك من كل وجه كالوطئ في حالة الحيض والنفاس وجه قوله إن الطلاق واقع للحال فلابد وأن يكون له أثر ناجز وهو زوال حل الوطئ وزوال الملك في حق الحل وقد ظهر أثر الزوال في الأحكام حتى لا يحل له المسافرة بها والخلوة ويزول قسمها والأقراء قبل الرجعة محسوبة من العدة ولهذا سمى الله تعالى الرجعة ردا في كتابه الكريم بقوله عز وجل وبعولتهن أي أزواجهن أحق بردهن في ذلك والرد في اللغة عبارة عن إعادة الغائب فيدل على زوال الملك من وجه (ولنا) قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك وقوله تعالى وبعولتهن أي أزواجهن وقوله تعالى هن كناية عن المطلقات سماه الله تعالى زوجها بعد الطلاق ولا يكون زوجا الا بعد قيام الزوجية فدل ان الزوجية قائمة بعد الطلاق والله سبحانه وتعالى أحل للرجل وطئ زوجته بقوله عز وجل والذين هم لفروجهن حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين وقوله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم وقوله عز وجل هو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ونحو ذلك من النصوص والدليل على قيام الملك من كل وجه انه يصح طلاقه وظاهره وايلاؤه ويجرى اللعان بينهما ويتوارثان وهذه أحكام الملك المطلق وكذا يملك مراجعتها بغير رضاها ولو كان ملك النكاح زائلا من وجه لكانت الرجعة انشاء النكاح على الحرة من غير رضاها من وجه وهذا لا يجوز وأما قوله الطلاق واقع في الحال فمسلم لكن التصرف الشرعي قد يظهر أثره للحال وقد يتراخى عنه كالبيع بشرط الخيار وكالتصرف الحسى وهو الرمي وغير ذلك فجاز أن يظهر أثر هذا الطلاق بعد انقضاء العدة وهو زوال الملك وحرمة الوطئ على أن له أثرا ناجزا وهو نقصان عدد الطلاق ونقصان حل المحلية وغير ذلك على ما عرف في الخلافيات وأما المسافرة بها فقد قال زفر من أصحابنا انه يحل له المسافرة بها قبل الرجعة وأما على قول أصحابنا الثلاثة فإنما لا تحل لا لزوال الملك بل لكونها معتدة وقد قال الله تعالى في المعتدات ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة نهى الرجال عن الاخراج والنساء عن الخروج فيسقط الزوج العدة بالرجعة لتزول الحرمة ثم يسافر وأما الخلوة فإن كان من قصده الرجعة لا يكره وان لم يكن من قصده المراجعة يكره لكن لا لزوال النكاح وارتفاع الحل بل للاضرار بها لأنه إذا لم يكن من قصده استيفاء النكاح بالرجعة فمتى خلا بها يقع بينهما المساس عن شهوة فيصير مراجعا لها ثم يطلقها ثانيا فيؤدى إلى تطويل العدة عليها فتتضرر بذلك وهو معنى قوله تعالى ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا وكذلك القسم لأنه لو ثبت القسم لخلا بها فيؤدى إلى ما ذكرنا إذا لم يكن من قصده أن يراجعها حتى لو كان من قصده أن يراجعها لكان لها القسم وله الخلوة بها وإنما احتسبنا الأقراء من العدة لانعقاد الطلاق سببا لزوال الملك والحل للحال على وجه يتم عليه عند انقضاء العدة وهو الجواب عن قوله إن الله تعالى سمى الرجعة ردا لأنه يجوز اطلاق اسم الرد عند انعقاد سبب زوال الملك بدون الزوال كما في البيع بشرط خيار المتعاقدين انه يطلق اسم الرد عند اختيار الفسخ وان لم يزل الملك عند البائع ولم يثبت للمشترى لانعقاد سبب الزوال بدون الزوال ويكون الرد فسخا للسبب ومنعا له عن العمل في اثبات الزوال كذا ههنا ويستحب لها أن تتشوف وتتزين لان الزوجية قائمة من كل وجه ويستحب لها ذلك لعل زوجها يراجعها وعلى هذا يبني حق الرجعة انه ثابت للزوج بالاجماع سواء كان الطلاق واحد أو اثنين اما عندنا فلقيام الملك من كل وجه وأما عنده فلقيامه فيما وراء حل الوطئ ثم الكلام في الرجعة في
(١٨٠)