بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٧٧
حتى يغنى ذكر السميع عن ذكر العليم فيتعلق بذكر العليم فائدة جديدة فكان ما قلناه أولى مع ما أنا لا نسلم أن سماع الطلاق يقف على ذكر الطلاق بحروفه ألا ترى ان كنايات الطلاق طلاق وهي مسموعة وان لم يكن الطلاق مسموعا مذكورا بحروفه وكذا طلاق الأخرس فلم يكن من ضرورة كون الايلاء طلاقا التلفظ بلفظ الطلاق فلا يقف سماع صوت الطلاق عليه وقوله لفظ الايلاء لا يدل على الطلاق ممنوع بل يدل عليه شرعا فان الشرع جعل الايلاء طلاقا معلقا بشرط البر فيصير الزوج بالاصرار على موجب هذه اليمين معلقا طلاقا بائنا بترك القربان أربعة أشهر كأنه قال إذا مضت أربعة أشهر ولم أقربك فيها فأنت طالق بائن عرفنا ذلك بإشارة النص وهو قوله تعالى وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم سمى ترك الفئ في المدة عزم الطلاق وأخبر سبحانه وتعالى انه سميع للايلاء فدل ان الايلاء السابق يصير طلاق عند مضى المدة من غير فئ وبما ذكرنا من المعنى المعقول وأما صفته فقد قال أصحابنا ان الواقع بعد مضى المدة من غير فئ طلاق بائن وقال الشافعي إذا خير بعد انقضاء العدة فاختار الطلاق فهي واحدة رجعية بناء على أصله ان الطلاق بعد مضى المدة يقع بايقاع مبتدإ وهو صريح الطلاق فيكون رجعيا (ولنا) اجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى عن عثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم انهم قالوا إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة ولان الطلاق إنما يقع عند مضى المدة دفعا للظلم فلا يندفع الظلم عنها الا بالبائن لتتخلص عنه فتتمكن من استيفاء حقها من زوج آخر ولا يتخلص الا بالبائن ولان القول بوقوع الطلاق الرجعي يؤدى إلى العبث لان الزوج إذا أبى الفئ والتطليق يقدم إلى الحاكم ليطلق عليه الحاكم عنده ثم إذا طلق عليه الحاكم يراجعها الزوج فيخرج فعل الحاكم مخرج العبث وهذا لا يجوز وأما قدره وهو قدر الواقع من الطلاق في الايلاء فالأصل ان الطلاق في الايلاء يتبع المدة لا اليمين فيتحد باتحاد المدة ويتعدد بتعددها في قول أصحابنا الثلاثة وعند زفر يتبع اليمين فيتعدد بتعدد اليمين ويتحد باتحادها ولا خلاف في أن المعتبر في حق حكم الحنث هو اليمين فينظر إلى اليمين في الاتحاد والتعدد لا إلى المدة وجه قول زفر ان وقوع الطلاق ولزوم الكفارة حكم الايلاء والايلاء يمين فيدور الحكم مع اليمين فيتحد باتحادها ويتعدد بتعددها لان الحكم يتكرر بتكرر السبب ويتحد باتحاده (ولنا) ان الايلاء إنما اعتبر طلاقا من الزوج لمنعه حقها في الجماع في المدة منعا مؤكدا باليمين إذ به يصير ظالما والمنع يتحد باتحاد المدة فيتحد الظلم فيتحد الطلاق ويتعدد بتعددها فيتعدد الظلم فيتعدد الطلاق فاما الكفارة فإنها تجب لهتك حرمة اسم الله عز وجل والهتك يتعدد بتعدد الاسم ويتحد باتحاده وعلى هذا الأصل مسائل إذا قال لامرأته مرة واحدة والله لا أقربك فلم يقربها حتى مضت المدة بانت بتطليقة واحدة وان قربها لزمه كفارة واحدة لاتحاد المدة واليمين جميعا ولو قال لها في مجلس واحد والله لا أقربك والله لا أقربك والله لا أقربك فان عنى به التكرار فهو ايلاء واحد في حق حكم الحنث والبر جميعا حتى لو مضت أربعة أشهر ولم يقربها بانت بتطليقة واحدة ولو قربها في المدة لا يلزمه الا كفارة واحدة لان مثل هذا يذكر للتكرار في العرف والعادة فإذا نوى به تكرار الأول فقد نوى ما يحتمله كلامه فيصدق فيه وان لم تكن له نية فهو ايلاء واحد في حق حكم البر في قول أصحابنا الثلاثة وثلاث في حق حكم الحنث بالاجماع حتى لو مضت أربعة أشهر ولم يقربها بانت بتطليقة واحدة في قول أصحابنا الثلاثة ولو قربها في المدة فعليه ثلاث كفارات بالاجماع وعند زفر هو ثلاث ايلاءات في حق حكم الحنث والبر جميعا وينعقد كل ايلاء من حين وجوده فإذا مضت أربعة أشهر ولم يفئ إليها بانت بتطليقة ثم إذا مضت ساعة بانت بتطليقة أخرى ثم إذا مضت ساعة أخرى بانت بتطليقة واحدة أخرى وان قربها في المدة فعليه ثلاث كفارات وأصل هذه المسألة ان من قال لامرأته إذا جاء غد فوالله لا أقربك قاله ثلاثا فجاء غد يصير موليا في حق حكم البر ايلاء واحدا عندنا وعنده يصير موليا ثلاث ايلاءات في حق حكم الحنث وان أراد به التغليظ والتشديد فكذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف انه ايلاء واحد في حق حكم البر استحسانا وعند محمد وزفر هو ثلاث في حق البر والحنث جميعا وهو القياس
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248