بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٣
في النفي فمضى الوقت الحالف والمحلوف عليه قائمان فقد بر في يمينه لوجود شرط البر وكذلك ان هلك الحالف والمحلوف عليه في الوقت لما قلنا وان فعل المحلوف عليه في الوقت حنث لوجود شرط الحنث وهو الفعل في الوقت والله عز وجل أعلم (وأما) الموقت دلالة فهو المسمى يمين الفور وأول من اهتدى إلى جوابها أبو حنيفة ثم كل من سمعه استحسنه وما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن وهو أن يكون اليمين مطلقا عن الوقت نصا ودلالة الحال تدل على تقييد الشرط بالفور بان خرج جوابا لكلام أو بناء على أمر نحو أن يقول لآخر تعال تغد معي فقال والله لا أتغدى فلم يتغد معه ثم رجع إلى منزله فتغدى لا يحنث استحسانا والقياس ان يحنث وهو قول زفر وجه القياس انه منع نفسه عن التغدي عاما فصرفه إلى البعض دون البعض تخصيص للعموم (ولنا) ان كلامه خرج جوابا للسؤال فينصرف إلى ما وقع السؤال عنه والسؤال وقع عن الغداء المدعو إليه فينصرف الجواب إليه كأنه أعاد السؤال وقال والله لا أتغدى الغداء الذي دعوتني إليه وكذا إذا قامت امرأته لتخرج من الدار فقال لها ان خرجت فأنت طالق فقعدت ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث استحسانا لان دلالة الحال تدل على التقييد بتلك الخرجة كأنه قال إن خرجت هذه الخرجة فأنت طالق ولو قال لها ان خرجت من هذه الدار على الفور أو في هذا اليوم فأنت طالق بطل اعتبار الفور لأنه ذكر ما يدل على أنه ما أراد به الخرجة المقصود إليها وإنما أراد الخروج المطلق عن الدار في اليوم حيث زاد على قدر الجواب وعلى هذا يخرج ما إذا قيل له انك تغتسل الليلة في هذه الدار من جنابة فقال إن اغتسلت فعبدي حر ثم اغتسل لا عن جنابة ثم قال عنيت به الاغتسال عن جنابة انه يصدق لأنه أخرج الكلام مخرج الجواب ولم يأت بما يدل على اعراضه عن الجواب فيقيد بالكلام السابق ويجعل كأنه إعادة ولو قال إن اغتسلت فيها الليلة عن جنابة فأنت حر أو قال إن اغتسلت الليلة في هذه الدار فعبدي حر ثم قال عنيت الاغتسال عن جنابة لا يصدق في القضاء لأنه زاد على القدر المحتاج إليه من الجواب حيث أتى بكلام مفيد مستقل بنفسه فخرج عن حد الجواب وصار كلاما مبتدأ فلا يصدق في الفضاء لكن يصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه يحتمل انه أراد به الجواب ومع هذا زاد على قدره وهذا وإن كان بخلاف الظاهر لكن كلامه يحتمله في الجملة وعلى هذا يخرج ما قاله ابن سماعة سمعت محمدا يقول في رجل قال لآخران ضربتني ولم أضربك وما أشبه ذلك فهذا على الفور قال وقوله لم يكون على وجهين على قبل وعلى بعد فإن كانت على بعد فهي على الفور ولو قال إن كلمتني فلم أجبك فهذا على بعد وهو على الفور وان قال إن ضربتني ولم أضربك فهو عندنا على أن يضرب الحالف قبل ان يضرب المحلوف عليه فان أراد به بعد ونوى ذلك فهو على الفور وهكذا روى عن محمد وجملة هذا ان هذه اللفظة قد تدخل على الفعل الماضي وقد تدخل على المستقبل فما كان معاني كلام الناس عليه حمل عند الاطلاق عليه وإن كانت مستعملة في الوجهين على السواء يتميز أحدهما بالنية فإذا قال إن ضربتني ولم أضربك فقد حمله محمد على الماضي كأنه رأى معاني كلام الناس عليه عند الاطلاق فكأنه قال إن ضربتني من غير مجازاة لما كان منى من الضرب فعبدي حر ويحتمل الاستقبال أيضا فإذا نواه حمل عليه وقوله إن كلمتني ولم أجبك فهذا على المستقبل لان الجواب لا يتقدم الكلام فحمل على الاستقبال ويكون على الفور لأنه يراد به الفور عادة روى عن محمد فيمن قال كل جارية يشتريها فلا يطؤها فهي حرة قال هذا يطؤها يشتريها فإن لم يفعل فهي حرة لان الفاء تقتضي التعقيب ولو قال مكان هذا ان لم يطأها فهذا على ما بينه وبين الموت فمتى وطئها بر لان كلمة ان كلمة شرط فلا تقتضي التعجيل قال هشام عن أبي يوسف فان قال لغلامه ان لم تأتني حتى أضربك فأنت حر فجاء من ساعته فلم يضربه قال متى ما ضربه فإنه يبر في يمينه ولا يعتق الا ان ينوى ساعة أمره بذلك لما ذكرنا ان ان للشرط فلا تقتضي التعجيل إذا لم يكن في الكلام ما يدل عليه ولو قال إن لم أشتر اليوم عبدا فاعتقه فعلى كذا فاشترى عبدا فوهبه ثم اشترى آخر فاعتقه قال محمد إنما وقعت يمينه على العبد الأول فإذا أمسى ولم يعتقه حنث لان تقدير كلامه ان اشتريت عبدا فعلى عتقه فإن لم أعتقه فعلى حجة وهذا قد استحقه الأول فلم يدخل الثاني في اليمين قال
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248