بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٢
الكفارة تجب لدفع الذنب الحاصل بتفويت البر وهو الحنث فإذا لم يكن البر متصور الوجود حقيقة لا يتصور الحنث فلم يكن في انعقاد اليمين فائدة فلا تنعقد والدليل على أن البر غير متصور الوجود من هذه اليمين حقيقة انه إذا كان عنده ان في الكوز ماء وان الشخص حي فيمينه تقع على الماء الذي كان فيه وقت اليمين وعلى إزالة حياة قائمة وقت اليمين والله تعالى وإن كان قدرا على خلق الماء في الكوز ولكن هذا المخلوق لا يكون ذلك الماء الذي وقعت يمينه عليه وفي مسألة القتل زالت تلك الحياة على وجه لا يتصور عودها بخلاف ما إذا كان عالما بذلك لأنه إذا كان عالما به فإنما انعقد يمينه على ماء آخر يخلقه الله تعالى وعلى حياة أخرى يحدثها الله تعالى الا ان ذلك على نقض العادة فكان العجز عن تحقيق البر ثابتا عادة فيحنث بخلاف قوله والله لأمسن السماء ونحوه لان هناك البر متصور الوجود في نفسه حقيقة بان يقدره الله تعالى على ذلك كما أقدر الملائكة وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الا انه عاجز عن ذلك عادة فلتصور وجوده حقيقة انعقدت وللعجز عن تحقيقه عادة حنث ووجبت الكفارة وأما الكلام مع زفر في اليمين على مس السماء ونحوه فهو يقول المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة وفي المستحيل حقيقة لا تنعقد كذا في المستحيل عادة ولنا ان اعتبار الحقيقة والعادة واجب ما أمكن وفيما قلناه اعتبار الحقيقة والعادة جميعا وفيما قاله اعتبار العادة واهدار الحقيقة فكان ما قلناه أولى ولو قال والله لأمسن السماء اليوم يحنث في آخر اليوم عند أبي حنيفة ومحمد وفي قياس قول أبي يوسف انه يحنث في الحال وقد روى عن أبي يوسف ما يدل عليه فإنه قال في رجل حلف ليشربن ماء دجلة كله اليوم قال أبو حنيفة لا يحنث حتى يمضى اليوم وقال أبو يوسف يحنث الساعة فان قال في يمينه غدا لم يحنث حتى يمضي اليوم في قول أبي حنيفة لان الانعقاد يتعلق بآخر اليوم عنده فاما أبو يوسف فقال يحنث في أول جزء من أجزاء الغد لان شرط البر غير منتظر فكأنه قال لها أنت طالق في غد والله عز وجل أعلم هذا إذا لم يكن المحلوف عليه متصور الوجود حقيقة أو عادة وقت اليمين حتى انعقدت اليمين بلا خلاف ثم فات فالحلف لا يخلو اما أن يكون مطلقا عن الوقت واما أن يكون موقتا بوقت وكل ذلك لا يخلو اما أن يكون في الاثبات أو في النفي فإن كان مطلقا في الاثبات بان قال والله لا آكلن هذا الرغيف أو لأشربن الماء الذي في هذا الكوز أو لأدخلن هذه الدار أو لآتين البصرة فما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لا يحنث لان الحنث في اليمين المطلقة يتعلق بفوات البر في جميع البر فما داما قائمين لا يقع اليأس عن تحقيق البر فلا يحنث فإذا هلك أحدهما يحنث لوقوع العجز عن تحقيقه غير أنه إذا هلك المحلوف عليه يحنث وقت هلاكه وإذا هلك الحالف يحنث في آخر جزء من أجزاء حياته لان الحنث في الحالين بفوات البر وقت فوات البر في هلاك المحلوف عليه وقت هلاكه وفي هلاك الحالف آخر جزء من أجزائه حياته وإن كان في النفي بان قال والله لا أكل هذا الرغيف أو لا أشرب الماء الذي في هذا الكوز فلم يأكل ولم يشرب الماء حتى هلك أحدهما فقد بر في يمينه لوجود شرط البر وهو عدم الأكل والشرب وإن كان موقتا بوقت فالوقت نوعان موقت نصا وموقت دلالة أما الموقت نصا فإن كان في الاثبات بان قال والله لآكلن هذا الرغيف اليوم أو لأشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز اليوم أو لأدخلن هذه الدار ونحو ذلك فما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين والوقت قائما لا يحنث لان البر في الوقت مرجو فتبقى اليمين وإن كان الحالف والمحلوف عليه قائمين ومضى الوقت يحنث في قولهم جميعا لان اليمين كانت مؤقتة بوقت فإذا لم يفعل المحلوف عليه حتى مضى الوقت وقع اليأس عن فعله في الوقت ففات البر عن الوقت فيحنث وان هلك الحالف في الوقت والمحلوف عليه قائم فمضى الوقت لا يحنث بالاجماع لان الحنث في اليمين المؤقتة بوقت يقع في آخر أجزاء الوقت وهو ميت في ذلك الوقت لا يوصف بالحنث وان هلك المحلوف عليه والحالف قائم والوقت باق فيبطل اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد وزفر وعند أبي يوسف لا تبطل ويحنث واختلفت الرواية عنه في وقت الحنث انه يحنث للحال أو عند غروب الشمس روى عنه انه يحنث عند غروب الشمس وروى عنه انه يحنث للحال قيل وهو الصحيح من مذهبه وإن كان
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248