الدراهم فاشترى بها طعاما فاكله حنث وان بدلها بغيرها واشترى مما أبدل طعاما فاكله لم يحنث لان الدراهم بعينها لا تحتمل الاكل وإنما أكلها في المتعارف أكل ما يشترى بها ولما اشترى ببدلها لم يوجد أكل ما اشترى بها فلا يحنث وكذلك لو حلف لا يأكل من ثمن هذا العبد فاشترى بثمنه طعاما فاكله ولو حلف لا يأكل من ميراث أبيه شيئا وأبوه حي فمات أبوه فورث منه مالا فاشترى به طعاما فأكله ففي القياس ينبغي ان لا يحنث لان الطعام المشترى ليس بميراث وفي الاستحسان يحنث لان المواريث هكذا تؤكل ويسمى ذلك أكل الميراث عرفا وعادة فان اشترى بالميراث شيئا فاشترى بذلك الشئ طعاما فأكله لم يحنث لأنه مشتر بكسبه وليس بمشتر بميراثه وقال أبو يوسف في الميراث بعينه إذا حلف عليه فغيره واشترى به لم يحنث لما قلنا قال فإن كان قال لا آكل ميراثا يكون لفلان فكيف ما غيره فأكله حنث لان اليمين المطلقة تعتبر فيها الصفة المعتادة وفي العادة انهم يقولون لما ورثه الانسان انه ميراث وان غيره وقال المعلى عن أبي يوسف إذا حلف لا يطعم فلانا مما ورث من أبيه شيئا فإن كان ورث طعاما فأطعمه منه حنث فان اشترى بذلك الطعام طعاما فأطعمه منه لم يحنث لان اليمين وقعت على الطعام الموروث فإذا باعه بطعام آخر فالثاني ليس بموروث وقد أمكن حمل اليمين على الحقيقة فلا تحمل على المجاز وإن كان ورث دراهم فاشترى بها طعاما فأطعمه منه حنث لأنه لا يمكن حمل اليمين على الحقيقة فحملت على المجاز وقال هشام سمعت محمدا يقول في رجل معه دراهم حلف ان لا يأكلها فاشترى بها دنانير أو فلوسا ثم اشترى بالدنانير أو الفلوس طعاما فأكله لم يحنث فان حلف لا يأكل هذه الدراهم فاشترى بها عرضا ثم باع ذلك العرض بطعام فأكله فإنه لا يحنث لان العادة في قوله لا أشتري بهذه الدراهم الامتناع من إنفاقها في الطعام والنفقة تارة تكون بالابتياع وتارة بتصريفها بما ينفق فحملت اليمين على العادة فاما ابتياع العروص بالدراهم فليس بنفقة في الطعام في العادة فلا تحمل اليمين عليه وهذا خلاف ما حكاه عن أبي يوسف وقال ابن رستم فيمن قال والله لا آكل من طعامك وهو يبيع الطعام فاشترى منه فأكل حنث لان مثل هذه اليمين يراد بها منع النفس عن الابتياع قال محمد ولو قال والله لا آكل من طعامك هذا الطعام بعينه فأهداه له فأكله لا يحنث في قياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف ويحنث في قول محمد وهذا فرع اختلافهم فيمن قال لا أدخل دار فلأن هذه فباعها فلان ثم دخلها والمسألة تجئ فيما بعد إن شاء الله تعالى قال محمد ولو حلف لا يأكل من طعامه فأكل من طعام مشترك بينهما حنث لان كل جزء من الطعام يسمى طعاما فقد أكل من طعام المحلوف عليه وقال علي بن الجعد وابن سماعة عن أبي يوسف في رجل حلف لا يأكل من غلة أرضه ولا نية له فأكل من ثمن الغلة حنث لان هذا في العادة يراد به استغلال الأرض فان نوى أكل نفس ما يخرج منه فأكل من ثمنه دينته فيما بينه وبين الله تعالى ولم أدينه في القضاء قال القدوري وهذا على أصله فيمن حلف لا يشرب الماء ونوى الجنس انه لا يصدق في القضاء فاما على الرواية الظاهرة فيصدق لأنه نوى حقيقة كلامه وقال محمد في الجامع إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة شيئا وأكل من ثمرها أو جمارها أو طلعها أو بسرها أو الدبس الذي يخرج من رطبها فإنه يحنث لان النخلة لا يتأتى أكلها فحملت اليمين على ما يتولد منها والدبس اسم لما يسيل من الرطب لا المطبوخ منه ولو حلف لا يأكل من هذا الكرم شيئا فأكل من عنبه أو زبيبه أو عصيره حنث لان المراد هو الخارج من الكرم إذ عين الكرم لا تحتمل الاكل كما في النخلة بخلاف ما إذا نظر إلى عنب فقال عبده حر ان أكل من هذا العنب فأكل من زبيبه أو عصيره انه لا يحنث لان العنب مما تؤكل عينه فلا ضرورة إلى الحمل على ما يتولد منه وكذلك لو حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من لبنها أو زبدها أو سمنها لم يحنث لان الشاة مأكولة في نفسها فأمكن حمل اليمين على أجزائها فيحمل عليها لا على ما يتولد منها قال محمد ولو أكل من ناطف جعل من ثمر النخلة أو نبيذ نبذ من ثمرها لم يحنث لان كلمة من لابتداء الغاية وقد خرج هذا محذوف الصيغة عن حال الابتداء فلم يتناوله اليمين ولو حلف لا يأكل من هذا اللبن فأكل من زبده أو سمنه لم يحنث لان اللبن مأكول بنفسه فتحمل اليمين على نفسه دون ما يتخذ منه والله عز وجل أعلم وأما الحلف على الشرب
(٦٥)