بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٦٥
الدراهم فاشترى بها طعاما فاكله حنث وان بدلها بغيرها واشترى مما أبدل طعاما فاكله لم يحنث لان الدراهم بعينها لا تحتمل الاكل وإنما أكلها في المتعارف أكل ما يشترى بها ولما اشترى ببدلها لم يوجد أكل ما اشترى بها فلا يحنث وكذلك لو حلف لا يأكل من ثمن هذا العبد فاشترى بثمنه طعاما فاكله ولو حلف لا يأكل من ميراث أبيه شيئا وأبوه حي فمات أبوه فورث منه مالا فاشترى به طعاما فأكله ففي القياس ينبغي ان لا يحنث لان الطعام المشترى ليس بميراث وفي الاستحسان يحنث لان المواريث هكذا تؤكل ويسمى ذلك أكل الميراث عرفا وعادة فان اشترى بالميراث شيئا فاشترى بذلك الشئ طعاما فأكله لم يحنث لأنه مشتر بكسبه وليس بمشتر بميراثه وقال أبو يوسف في الميراث بعينه إذا حلف عليه فغيره واشترى به لم يحنث لما قلنا قال فإن كان قال لا آكل ميراثا يكون لفلان فكيف ما غيره فأكله حنث لان اليمين المطلقة تعتبر فيها الصفة المعتادة وفي العادة انهم يقولون لما ورثه الانسان انه ميراث وان غيره وقال المعلى عن أبي يوسف إذا حلف لا يطعم فلانا مما ورث من أبيه شيئا فإن كان ورث طعاما فأطعمه منه حنث فان اشترى بذلك الطعام طعاما فأطعمه منه لم يحنث لان اليمين وقعت على الطعام الموروث فإذا باعه بطعام آخر فالثاني ليس بموروث وقد أمكن حمل اليمين على الحقيقة فلا تحمل على المجاز وإن كان ورث دراهم فاشترى بها طعاما فأطعمه منه حنث لأنه لا يمكن حمل اليمين على الحقيقة فحملت على المجاز وقال هشام سمعت محمدا يقول في رجل معه دراهم حلف ان لا يأكلها فاشترى بها دنانير أو فلوسا ثم اشترى بالدنانير أو الفلوس طعاما فأكله لم يحنث فان حلف لا يأكل هذه الدراهم فاشترى بها عرضا ثم باع ذلك العرض بطعام فأكله فإنه لا يحنث لان العادة في قوله لا أشتري بهذه الدراهم الامتناع من إنفاقها في الطعام والنفقة تارة تكون بالابتياع وتارة بتصريفها بما ينفق فحملت اليمين على العادة فاما ابتياع العروص بالدراهم فليس بنفقة في الطعام في العادة فلا تحمل اليمين عليه وهذا خلاف ما حكاه عن أبي يوسف وقال ابن رستم فيمن قال والله لا آكل من طعامك وهو يبيع الطعام فاشترى منه فأكل حنث لان مثل هذه اليمين يراد بها منع النفس عن الابتياع قال محمد ولو قال والله لا آكل من طعامك هذا الطعام بعينه فأهداه له فأكله لا يحنث في قياس قول أبي حنيفة وأبى يوسف ويحنث في قول محمد وهذا فرع اختلافهم فيمن قال لا أدخل دار فلأن هذه فباعها فلان ثم دخلها والمسألة تجئ فيما بعد إن شاء الله تعالى قال محمد ولو حلف لا يأكل من طعامه فأكل من طعام مشترك بينهما حنث لان كل جزء من الطعام يسمى طعاما فقد أكل من طعام المحلوف عليه وقال علي بن الجعد وابن سماعة عن أبي يوسف في رجل حلف لا يأكل من غلة أرضه ولا نية له فأكل من ثمن الغلة حنث لان هذا في العادة يراد به استغلال الأرض فان نوى أكل نفس ما يخرج منه فأكل من ثمنه دينته فيما بينه وبين الله تعالى ولم أدينه في القضاء قال القدوري وهذا على أصله فيمن حلف لا يشرب الماء ونوى الجنس انه لا يصدق في القضاء فاما على الرواية الظاهرة فيصدق لأنه نوى حقيقة كلامه وقال محمد في الجامع إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة شيئا وأكل من ثمرها أو جمارها أو طلعها أو بسرها أو الدبس الذي يخرج من رطبها فإنه يحنث لان النخلة لا يتأتى أكلها فحملت اليمين على ما يتولد منها والدبس اسم لما يسيل من الرطب لا المطبوخ منه ولو حلف لا يأكل من هذا الكرم شيئا فأكل من عنبه أو زبيبه أو عصيره حنث لان المراد هو الخارج من الكرم إذ عين الكرم لا تحتمل الاكل كما في النخلة بخلاف ما إذا نظر إلى عنب فقال عبده حر ان أكل من هذا العنب فأكل من زبيبه أو عصيره انه لا يحنث لان العنب مما تؤكل عينه فلا ضرورة إلى الحمل على ما يتولد منه وكذلك لو حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من لبنها أو زبدها أو سمنها لم يحنث لان الشاة مأكولة في نفسها فأمكن حمل اليمين على أجزائها فيحمل عليها لا على ما يتولد منها قال محمد ولو أكل من ناطف جعل من ثمر النخلة أو نبيذ نبذ من ثمرها لم يحنث لان كلمة من لابتداء الغاية وقد خرج هذا محذوف الصيغة عن حال الابتداء فلم يتناوله اليمين ولو حلف لا يأكل من هذا اللبن فأكل من زبده أو سمنه لم يحنث لان اللبن مأكول بنفسه فتحمل اليمين على نفسه دون ما يتخذ منه والله عز وجل أعلم وأما الحلف على الشرب
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248