ممنوع بل العرف الجاري بين الناس انهم يقولون ليس في كرم فلان فاكهة أنما فيه العنب فحسب فالحاصل ان ثمر الشجر كلها فاكهة عندهما وعنده كذلك الا ثمر النخل والكرم وشجر الرمان لان سائر الثمار من التفاح والسفرجل والإجاص ونحوهما يقصد بأكلها التفكه دون الشبع وكذا يابسها فاكهة كذا رطبها قال محمد التوت فاكهة لأنه يتفكه به والقثاء والخيار والجزر والباقلاء الرطب إدام وليس بفاكهة الا يرى أنه لا يؤكل للتفكه وان عنى بقوله لا آكل فاكهة العنب والرطب والرمان فأكل من ذلك شيئا حنث كذا ذكر في الأصل لأن هذه الأشياء مما يتفكه بها وإن كان لا يطلق عليها اسم الفاكهة وقال محمد بسر السكر والبسر الا حمر فاكهة لان ذلك مما يتفكه به وقال أبو يوسف اللوز والعناب فاكهة رطب ذلك من الفاكهة الرطبة ويابسه من اليابسة لان ذلك يؤكل على وجه التفكه قال والجوز رطبه فاكهة ويابسه إدام وقال في الأصل وكذلك الفاكهة اليابسة فيدخل فيها الجوز واللوز وأشباههما وروى المعلى عن محمد أن الجوز اليابس ليس بفاكهة لأنه يؤكل مع الخبز غالبا فأما رطبه فلا يؤكل الا للتفكه وجه ما ذكر في الأصل أنه فاكهة ما ذكرنا أن رطبه ويابسه مما لا يقصده به الشبع فصار كسائر الفواكه وذكر المعلى عن محمد في رجل حلف لا يأكل من الثمار شيئا ولا نية له ان ذلك على الرطب واليابس فان أكل تينا يابسا أو لوزا يابسا حنث فجعل الثمار كالفاكهة لان أحد الاسمين كالآخر وقال المعلى قلت لمحمد فان حلف لا يأكل من فاكهة العام أو من ثمار العام ولا نية له قال إن حلف في أيام الفاكهة الرطبة فهذا على الرطب فان أكل من فاكهة ذلك العام شيئا يابسا لم يحنث وكذلك الثمرة وان حلف في غير وقت الفاكهة الرطبة كانت يمينه على الفاكهة اليابسة من فاكهة ذلك العام وكان ينبغي في القياس إن كان وقت الفاكهة الرطبة ان يحنث في الرطب واليابس لان اسم الفاكهة يتناولهما الا أنه استحسن لان العادة في قولهم فاكهة العام إذا كان في وقت الرطب انهم يريدون به الرطب دون اليابس فإذا مضى وقت الرطب فلا تقع اليمين الا على اليابس فيحمل عليه والله عز وجل أعلم ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة أو لا يأكل هذه الحنطة فان عنى بها أن لا يأكلها حبا كما هي فأكل من خبزها أو من سويقها لم يحنث و إنما يحنث إذا قضمها وان لم تكن له نية فكذلك عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يحنث وهل يحنث عندهما إذا أكل عينها ذكر محمد في الأصل عنهما ما يدل على أنه لا يحنث لأنه قال فيه ان اليمين تقع على ما يصنع الناس وذكر عنهما في الجامع الصغير ما يدل على أنه يحنث فإنه قال وقال أبو يوسف ومحمد ان أكلها خبزا حنث أيضا فهذا يدل على أنه إذا قضمها يحنث عندهما كما يحنث إذا أكلها خبزا وجه قولهما أن المتعارف في اطلاق أكل الحنطة أكل المتخذ منها وهو الخبز لا آكل عينها يقال فلان يأكل من حنطة كذا أي من خبزها ومطلق الكلام يحمل على المتعارف خصوصا في باب الايمان وجه في قول أبي حنيفة رضي الله عنه أن اسم الحنطة لا يقع على الخبز حقيقة لأنها اسم لذات مخصوصة مركبة فيزول الاسم بزوال التركيب حقيقة فالحمل على الخبز يكون حملا على المجاز فكان صرف الكلام إلى الحقيقة أولى وأما قولهما ان مطلق الكلام يحمل على المتعارف فنعم لكن على المتعارف عند أهل اللسان وهو المتعارف في الاستعمال اللغوي كما يقول مشايخ العراق لا على المتعارف من حيث الفعل كما يقول مشايخ بلخ بدليل أنه لو حلف لا يأكل لحما فأكل لحم الآدمي أو الخنزير يحنث وان لم يتعارف أكله لوجود التعارف في الاسم واستعمال اسم الحنطة في مسماها متعارف عند أهل اللسان الا أنه يقل استعماله فيه لكن قلة الاستعمال فيه لقلة محل الحقيقة وهذا لا يوجب الحمل على المجاز كما في لحم الآدمي ولحم الخنزير على أن المتعارف فعل ثابت في الجملة لان الحنطة تطبخ وتقلى فتؤكل مطبوخا ومقليا وان لم يكن في الكثرة مثل أكلها خبزا ولو حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها حبات من شعير حنث ولو كان اليمين على الشراء لم يحنث لان من اشترى حنطة فيها حبات شعير يسمى مشترى الحنطة لا مشترى الشعير وصرف الكلام إلى الحقيقة المستعملة في الجملة أولى من الصرف إلى المجاز وإن كان استعماله في المجاز أكثر لان الحقيقة شاركت المجاز في أصل الاستعمال والمجاز ما شارك الحقيقة في الوضع رأسا فكان العمل
(٦١)