بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٦٧
الفرات لم يحنث في قولهم جميعا أما عنده فلا يشكل لان هذا النهر ليس بفرات فصار كما لو شرب من آنية وأما عندهما فلأنهما يعتبران العرف والعادة ومن شرب من نهر يأخذ من الفرات لا يعرف شاربا من الفرات لان الشرب من الفرات عندهما هو أخد الماء المفضى إلى الشرب من الفرات ولم يوجد ههنا لأنه أخذ من نهر لا يسمى فراتا ولو حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهر أخذ الماء من الفرات فان شرب منه بالاغتراف بالآنية أو بالاستقاء براوية يحنث بالاجماع وان كرع منه يحنث في ظاهر الرواية وروى عن أبي يوسف انه لا يحنث ووجهه ان النهر لما أخذ الماء من الفرات فقد صار مضافا إليه فانقطعت الإضافة إلى الفرات ووجه ظاهر الرواية انه منع نفسه عن شرب جزء من ماء الفرات لان كلمة من دخلت في الماء صلة للشرب وهو قابل لفعل الشرب فكانت للتجزئة وبالدخول في نهر انشعب من الفرات لا تنقطع إليه النسبة كما لا تنقطع بالاغتراف بالآنية والاستقاء بالراوية ألا ترى ان ماء زمزم ينقل الينا ونتبرك به ونقول شربنا من ماء زمزم ولو حلف لا يشرب من ماء دجلة فهذا وقوله لا أشرب من دجلة سواء لأنه ذكر الشرب من النهر فكان على الاختلاف وروى المعلى عن محمد فيمن حلف لا يشرب من نهر يجرى ذلك النهر إلى دجلة فاخذ من دجلة من ذلك الماء فشربه لم يحنث لأنه قد صار من ماء دجلة لزوال الإضافة إلى النهر الأول بحصوله في دجلة ولو حلف لا يشرب من هذا الجب فهو على الاختلاف حتى لو اغترف من مائه في إناء آخر فشرب لم يحنث حتى يضع فاه على الجب في قول أبي حنيفة وعندهما يحنث ومن مشايخنا من قسم الجواب في الجب فقال إن كان ملا آن فهو على الاختلاف لان الحقيقة مقصورة الوجود وإن كان غير ملآن فاغترف يحنث بالاجماع لعدم تصور الحقيقة فتنصرف يمينه إلى المجاز ولو حلف لا يشرب من هذا الكوز انصرفت يمينه إلى الحقيقة اجماعا لتصور الحقيقة عنده وعندهما للعرف فان نقل الماء من كوز إلى كوز وشرب من الثاني لا يسمى شاربا من الكوز الأول وان حلف لا يشرب من ماء هذا الجب فاغترف منه باناء فشرب حنث بالاجماع لأنه عقد يمينه على ماء ذلك الجب وقد شرب من مائه فان حول ماءه إلى جب آخر فشرب منه فالكلام فيه كالكلام فيمن حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهر يأخذ الماء من الفرات وقد مر ولو قال لا أشرب من ماء هذا الجب فالكلام فيه كالكلام في قوله لا أشرب من ماء دجلة وقد ذكرناه ولو حلف لا يشرب من هذه البئر أو من مائها فاستقى منها وشرب حنث لان الحقيقة غير متصورة الوجود فيصرف إلى المجاز وقالوا فيمن حلف لا يشرب من ماء المطر فمدت الدجلة من المطر فشرب لم يحنث لأنه إذا حصل في الدجلة انقطعت الإضافة إلى المطر فان شرب من ماء واد سال من المطر لم يكن فيه ماء قبل ذلك أو جاء من ماء مطر مستنقع في قاع حنث لأنه لما لم يضف إلى نهر بقيت الإضافة إلى المطر كما كافت ولو حلف لا يشرب من ماء فرات فشرب من ماء دجلة أو نهر آخر أو بئر عذبة يحنث لأنه منع نفسه من شرب ماء عذب إذ الفرات في اللغة عبارة عن العذب قال الله عز وجل وأسقيناكم ماء فراتا ولما أطلق الماء ولم يضفه إلى الفرات فقد جعل الفرات نعتا للماء وقد شرب من الماء المنعوت فيحنث وفي الفصل الأول أضاف الماء إلى الفرات وعرف الفرات بحرف التعريف فيصرف إلى النهر المعروف المسمى بالفرات (وأما) الحلف على الذوق فالذوق هو ايصال المذوق إلى الفم ابتلعه أولا بعد ان وجد طعمه لأنه من أحد الحواس الخمس الموضوعة للعلم بالمذوقات كالسمع والبصر والشم واللمس للعلم بالمسموعات والمبصرات والمشمومات والملموسات والعلم بالطعم يحصل بحصول الذوق في فمه سواء ابتلعه أو مجه فكل أكل فيه ذوق وليس كل ذوق أكلا إذا عرف هذا فنقول إذا حلف لا يذوق طعاما أو شرابا فأدخله في فيه حنث لحصول الذوق لوجود معناه وهو ما ذكرنا فان قال أردت بقوله لا أذوقه لا آكله ولا أشربه دين فيما بينه وبين الله عز وجل ولا يدين في القضاء لأنه قد يراد بالذوق والأكل والشرب يقال في العرف ما ذقت اليوم شيئا وما ذقت الا الماء ويراد به الأكل والشرب فإذا نوى ذلك لا يحنث فيما بينه وبين الله تعالى حتى يأكل أو يشرب لأنه نوى ما يحتمله كلامه ولا يصدق في القضاء لعدو له عن الظاهر قال هشام وسألت محمدا عن رجل حلف
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248