بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٦٢
بالحقيقة أولى ولو حلف لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من خبزه ولم تكن له نية حنث لان الدقيق هكذا يؤكل عادة ولا يستف الا نادرا والنادر ملحق بالعدم فلم يكن له حقيقة مستعملة وله مجاز مستعمل وهو كلما يتخذ منه فحمل عليه وان نوى ان لا يأكل الدقيق بعينه لا يحنث بأكل ما يخبز منه لأنه نوى حقيقة كلامه ولو حلف لا يأكل من هذا الكفرى شيئا فصار بسرا أو لا يأكل من هذا البسر شيئا فصار رطبا أو لا يأكل من هذا الرطب شيئا فصار تمرا أو لا يأكل من هذا العنب شيئا فصار زبيبا فأكله أو حلف لا يأكل من هذا اللبن شيئا فأكل من جبن صنع منه أو مصل أو أقط أو شيراز أو حلف لا يأكل من هذه البيضة فصارت فرخا فأكل من فرخ خرج منها أو حلف لا يذوق من هذه الخمر شيئا فصارت خلا لم يحنث في جميع ذلك والأصل أن اليمين متى تعلقت بعين تبقى ببقاء العين وتزول بزوالها والصفة في العين المشار إليه غير معتبرة لان الصفة لتمييز الموصوف من غيره والإشارة تكفى للتعريف فوقعت الغنية عن ذكر الصفة وغير المعين لا يحتمل الإشارة فيكون تعريفه بالوصف وإذا عرف هذا نقول العين بدلت في هذه المواضع فلا تبقى اليمين التي عقدت على الأول والعين في الرطب وان لم تبدل لكن زال بعضها وهو الماء بالجفاف لان اسم الرطب يستعمل على العين والماء الذي فيها فإذا جف فقد زال عنها الماء فصار آكلا بعض العين المشار إليها فلا يحنث كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه بخلاف ما إذا حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعد ما صار شيخا أنه يحنث لان هناك العين قائمة وإنما الفائت هو الوصف لا بعض الشخص فيبقى كل المحلوف عليه فبقيت اليمين وفرق آخر ان الصفات التي في هذه الأعيان مما تقصد باليمين منعا وحملا كالرطوبة التي هي في التمر والعنب فان المرطوب تضربه الرطوبات فتعلقت اليمين بها واصبا والشباب مما لا يقصد بالمنع بل الذات هي التي تقصد فتعلقت اليمين بالذات دون هاتين الصفتين كما إذا حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباعه ثم كلمه أنه يحنث لما قلنا كذا هذا وكذا إذا حلف لا يأكل من لحم هذا الحولى فأكله بعد ما صار كبشا أو من لحم هذا الجدي فأكله بعد ما صار تيسا يحنث لما قلنا وكذلك لو حلف لا يجامع هذه الصبية فجامعها بعد ما صارت امرأة يحنث لما قلنا ولو نوى في الفصول المتقدمة ما يكون من ذلك حنث لأنه شدد على نفسه ولو حلف لا يأكل من هذه الحد حبة فأكلها بعد ما صارت بطيخا لا رواية فيه واختلف المشايخ فيه والله عز وجل أعلم قال بشر عن أبي يوسف في رجل حلف لا يذوق من هذا اللبن شيئا أو لا يشرب فصب فيه ماء فذاقه أو شربه انه كان اللبن غالبا حنث لأنه إذا كان غالبا يسمى لبنا وكذلك لو حلف على نبيذ فصبه في خل أو على ماء ملح فصب على ماء عذب والأصل في هذا ان المحلوف عليه إذا اختلط بغير جنسه تعتبر فيه الغلبة بلا خلاف بين أبى يوسف ومحمد غير أن أبا يوسف اعتبر الغلبة في اللون أو الطعم لا في الاجزاء فقال إن كان المحلوف عليه يستبين لونه أو طعمه حنث وإن كان لا يستبين له لون ولا طعم لا يحنث سواء كانت أجزاؤه أكثر أو لم تكن واعتبر محمد غلبة الاجزاء فقال إن كانت أجزاء المحلوف عليه غالبا يحنث وإن كان مغلوبة لا يحنث وجه قول محمد أن الحكم يتعلق بالأكثر والأقل يكون تبعا للأكثر فلا عبرة به ولأبي يوسف ان اللون والطعم إذا كانا باقيين كان الاسم باقيا ألا ترى أنه يقال لبن مغشوش وخل مغشوش وإذا لم يبق له لون ولا طعم لا يبقى الاسم ويقال ماء فيه لبن وماء فيه خل فلا يحنث وقال أبو يوسف فإن كان طعمهما واحدا أو لونهما واحدا فأشكل عليه نعتبر الغلبة من حيث الاجزاء فان علم أن أجزاء المحلوف عليه هي الغالبة يحنث وان علم أن أجزاء المخالط له أكثر لا يحنث وان وقع الشك فيه ولا يدرى ذلك فالقياس ان لا يحنث لأنه وقع الشك في حكم الحنث فلا يثبت مع الشك وفي الاستحسان يحنث لأنه عند احتمال الوجود والعدم على السواء فالقول بالوجود أولى احتياطا لما فيه من براءة الذمة بيقين وهذا يستقيم في اليمين بالله تعالى لان الكفارة حق الله تعالى فيحتاط في ايجابها فأما في اليمين بالطلاق والعتاق فلا يستقيم لان ذلك حق العبد وحقوق العباد لا يجرى فيها الاحتياط للتعارض فيعمل فيها بالقياس ولو حلف لا يأكل سمنا فأكل سويقا قدلت بسمن ولا نية له ذكر محمد في الأصل أن أجزاء السمن
(٦٢)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الأكل (11)، التمر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248