تعالى ولا يصدق في القضاء لمخالفته الظاهر ولو كان مكان الاعلام اخبار بان حلف لا يخبر فلانا بمكان فلان لا يحنث الا بالكلام أو بالكتاب أو بالرسالة ولو أومأ برأسه لا يحنث وكذا لو ذهب به حتى أوقفه على رأس فلان لا يحنث لان شرط الحنث هو الاخبار والإشارة ليست بخبر وكذا الايقاف على رأسه إذ الخبر من أقسام الكلام ألا ترى أنهم قالوا أقسام الكلام أربعة أمر ونهى وخبر واستخبار ويحد بأنه كلام عرى عن معنى التكليف والإشارة ليست بكلام فلم تكن خبرا والايقاف على رأسه من باب الاعلام لا من باب الخبر وكل خبر اعلام وليس كل اعلام خبرا والدليل عليه أن الكتاب إذا قرئ على إنسان وقيل له أهو كما كتب فيه فأشار برأسه اي نعم لا يصير مقرا وكل اقرار اخبار وكذا لو حلف لا يقر لفلان بمال فقيل له الفلان عليك ألف درهم فأشار برأسه أي نعم لا يكون ذلك منه اقرارا وكذا إذا قرأ على إنسان كتاب الاخبار فقيل له أهو كما قرأت عليك فأومأ برأسه أي نعم لا يصير مقرا وكل اقرار اخبار وكذا إذا قرأ على إنسان كتاب الاخبار فقيل له أهو كما قرأت عليك فأومأ برأسه أي نعم ليس له ان يروى عنه بحدثنا ولا بأخبرنا فدل أن الايماء ليس باخبار ولو نوى بالاخبار الاظهار أو الاعلام يحنث إذا أومأ لأنه جعله مجازا عن الاظهار لمناسبة بينهما وفيه تشديد على نفسه فيصدق ثم في يمين الاظهار والاعلام لو أراد الحالف أن لا يحنث ويحصل العلم والظهور ينبغي أن يقال له انا نعد عليك أمكنة أو أشياء من الاسرار فإن لم تتكلم بمكان فلان ولا سره فقل لنا ليس كما تقولون وان تكلمنا بسره أو بمكانه فاسكت ففعل ذلك لا يحنث لانعدام شرط الحنث وهو الاظهار والاعلام لما ذكرنا ان الاظهار هو اثبات الظهور والاعلام هو اثبات العلم ولم يوجد لان الظهور والعلم حصل من غير صنعه وهذه الحيلة منقولة عن أبي حنيفة والقصة مشهورة وكذلك لو حلف لا يدلهم ففعل مثل ذلك فهذا ليس بدلالة لان الحالف حلف على فعل نفسه وهو الدلالة لا على فعلهم وهو الاستدلال والموجود ههنا فعلهم لا فعله فلم يوجد شرط الحنث فلا يحنث ولو أومأ إليهم برأسه أو أشار إليهم كان ذلك دلالة الا أن يعنى بالدلالة الخبر باللسان أو بالكتاب فيكون على ما عنى لان اسم الدلالة يقع على الفعل والقول لوجود معناها فيهما فإذا نوى به أحدهما فقد نوى تخصيص ما في لفظه فيصدق والبشارة حكمها حكم الخبر في أنها لا تتناول الا الكلام أو الكتاب لأنها خبر الا أنها خبر موصوف وهو الخبر الذي يؤثر في بشرة وجه المخبر له باظهار أثر السرور وقد يستعمل فيما يؤثر في بشرته باظهار أثر الحزن مجازا كما في قوله عز وجل فبشرهم بعذاب اليم لكن عند الاطلاق يقع على الأول وإنما يقع على الثاني بالقرينة وكذا الاقرار بأن حلف ان لا يقر لفلان بحقه فهو على مثل الخبر ولا يحنث بالإشارة لان الاقرار اخبار عن الماضي ثم يقع الفرق بين البشارة والاعلام وبين الاخبار من حيث إن الاعلام والبشارة يشترط لثبوتهما الصدق فلا يثبتان بالكذب ولا بما علمه المخاطب قبل الاعلام والبشارة سواء وصل ذلك بحرف الباء أو بكلمة ان حتى أنه لو قال لغيره ان أعلمتني ان فلانا قدم أو قال إن أعلمتني بقدوم فلان فأخبره كاذبا لا يحنث لان الاعلام اثبات العلم والكذب لا يفيد العلم وكذا لو كان المخاطب عالما بقدومه لان اثبات الثابت محال وكذا في البشارة لأنها اسم لخبر سار والكذب لا يسر وإذا كان عالما بقدومه فالسرور كان حاصلا وتحصيل الحاصل مستحيل واما الخبر فان وصله بحرف الباء بان قال إن أخبرتني بقدوم فلان فالجواب فيه وفي الاعلام والبشارة سواء وان وصله بكلمة ان بأن قال إن أخبرتني ان فلانا قدم فأخبره كاذبا أو أخبره بعدما كان علم المخاطب بقدومه باخبار غيره يحنث والفرق يعرف في الجامع الكبير ولو حلف لا يتكلم بسر فلان ولا بمكانه فكتب أو أشار لا يحنث لان الكتابة والإشارة ليست بكلام وإنما تقوم مقامه ألا ترى أن الله تعالى أنزل الينا كتابا ولا يقال إن الله تعالى في العرف كلمنا فان سئل عنه فقال نعم فقد تكلم لان قوله نعم لا يستقل بنفسه ويضمر فيه السؤال كما في قوله تعالى فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم أي وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فقد أتى بكلام دال على المراد ولو حلف لا يستخدم فلانة فاستخدمها بكلام أو أمرها بشئ من خدمة أو أشار إليها بالخدمة فقد استخدمها فهو حانث لان الاستخدام طلب الخدمة وقد وجد ولو كانت هذه
(٥٤)