بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٦٤
يشرب جميع لبن الشاة فلا يقصد بيمينه منع نفسه عن ذلك فينعقد يمينه على البعض كما إذا حلف لا يشرب ماء البحر قال وإن كان لبن قد حلب فقال والله لا أشرب لبن هاتين الشاتين للبن بعينه فإن كان لبنا يقدر على شربه في مرة واحدة لم يحنث بشرب بعضه وإن كان لبنا لا يستطيع شربه في مرة واحدة يحنث بشرب بعضه لان يمينه وقعت على شرب الكل حقيقة فإذا استطاع شربه دفعة واحدة أمكن العمل بالحقيقة وإذا لم يستطع شربه دفعة يحمل على الجزء كما في ماء البحر وعلى هذا إذا قال لا آكل هذا الطعام وهو لا يقدر على أكله دفعة واحدة نظير هذا ما قالوا فيمن قبض من رجل دينا عليه فوجد فيه درهمين زائفين فقال والله لا آخذ منهما شيئا فأخذ أحدهما حنث لان كلمة من للتبعيض وقال ابن رستم عن محمد إذا قال والله لا آكل لحم هذا الحروف فهذا على بعضه لأنه لا يمكن أكل كله مرة واحدة عادة وذكر في الأصل فيمن قال لا آكل هذه الرمانة ان فأكلها الا حبة أو حبتين حنث في الاستحسان لان ذلك القدر لا يعتد به فإنه يقال في العرف لمن أكل رمانة وترك منها حبة أو حبتين انه أكل رمانة وان ترك نصفها أو ثلثها أو ترك أكثر مما يجرى في العرف انه يسقط من الرمانة لم يحنث لأنه لا يسمى آكلا لجميعها ولو قال والله لا أبيعك لحم هذا الخروف أو خابية الزيت فباع بعضها لم يحنث لأنه يمكن حمل اليمين ههنا على الحقيقة لان بيع الكل ممكن وقد قال ابن سماعة فيمن قال لا أشتري من هذه الرجلين انه لا يحنث حتى يشترى منهما ولا يشبه هذا قوله لا آكل هذين الرغيفين لان من للتبعيض ويمكن العمل بالتبعيض في الاكل ولا يمكن في الشراء لان البيع لا يتبعض فيحمل على ابتداء الغاية فقد ذكر في الأصل والجامع فيمن حلف لا يتزوج النساء أو لم يكلم بني آدم أنه يقع على الواحد لتعذر الحمل على الكل فيحمل على بعض الجنس وقد ذكرناه فيما تقدم ولو حلف لا يأكل من كسب فلان فالكسب ما صار للانسان ان يفعله كالايجاب والقبول في البيع والإجارة والقبول في الهبة والصدقة والوصية والاخذ في المباحات فأما الميراث فلا يكون كسبا للوارث لأنه يملكه من غير صنعه ولو مات المحلوف عليه وقد كسب شيئا فورثه رجل فأكل الحالف منه حنث لان ما في يد الوارث يسمى كسب الميت بمعنى مكسوبه عرفا فلو أنتقل عنه إلى غيره بغير الميراث لم يحنث لأنه صار للثاني بفعله فبطلت الإضافة إلى الأول قال أبو يوسف وكذلك إذا قال لا آكل مما ملكت أو مما يملك له أو من ملكك فإذا خرج من ملك المحلوف عليه إلى ملك غيره فأكل منه الحالف لم يحنث لأنه إذا ملكه الثاني لم يبق ملك الأول فلم يبق مضافا إليه بالملك قال وكذلك إذا حلف لا يأكل مما اشترى فلان أو مما يشترى فاشترى المحلوف لنفسه أو لغيره فأكل منه الحالف حنث فان باعه المحلوف عليه من غيره بأمر المشترى له ثم أكل منه الحالف لم يحنث لأن الشراء إذا طرأ على الشراء بطلت الإضافة الأولى وتجددت إضافة أخرى لم تتناولها اليمين وإنما كان الشراء لغيره ولنفسه سواء لان حقوق العقد تتعلق بالمشترى فكانت الإضافة إليه لا إلى المشترى له قال وكذلك لو حلف لا يأكل من ميراث فلان شيئا فمات فلان فأكل من ميراثه حنث فان مات وارثه فأورث ذلك الميراث فأكل منه الحالف لم يحنث لنسخ الميراث الأخير الميراث الأول كذا ذكر لان الميراث إذا طرأ على الميراث بطلت الإضافة الأولى ومن هذا القبيل ما قالوا فيمن حلف لا يأكل مما زرع فلان فباع فلان زرعه فأكله الحالف عند المشترى حنث لان الإضافة إلى الأول لا تبطل بالبيع فان بذره المشترى وزرعه فاكل الحالف من هذا الزرع فإنه لا يحنث لان الإضافة بالزرع إنما تكون إلى الثاني دون الأول وعلى هذا لو حلف لا يأكل من طعام يصنعه فلان أو من خبز يخبزه فلان فتناسخته الباعة ثم أكل الحالف منه فإنه يحنث لأنه يقال هو من خبز فلان ومن طبيخه وان باعه وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان فنسج فلان ثوبا فباعه لان البيع لا يبطل الإضافة ولو كان ثوب خز فنقض ونسجه آخر ثم لبسه الحالف لم يحنث لان النسج الثاني أبطل الإضافة الأولى ولو حلف لا يشترى ثوبا مسه فلان فمس فلان ثوبا وتناسخته الباعة فإنه يحنث إذا اشتراه لان الإضافة بالمس لا تبطل البيع صار كأنه قال لا أشتري ثوبا كان فلان مسه وقال بشر عن أبي يوسف في رجل حلف أن لا يأكل من هذه
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248