بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٥٥
الايمان كلها وهو صحيح ثم خرس فصار لا يقدر على الكلام كانت ايمانه في هذا كله على الإشارة والكتاب في جميع ما وصفنا الا في خصلة واحدة وهي ان يحلف أن لا يتكلم بسر فلان فلا يحنث الا بالتكلم لان الكلام العرفي اسم لحروف منظومة تدلا على معنى مفهوم وذلك لا يوجد في الإشارة والخبر والافشاء والاظهار من الأخرس إنما يكون بالإشارة فيحنث بهما وكل شئ حنث فيه من هذه الأشياء بالإشارة فقال أشرت وأنا لا أريد الذي حلفت عليه فإن كان فعل ذلك جوابا لشئ مما سئل عنه لم يصدق في القضاء لان الإشارة فيها احتمال فإن كان هناك دلالة حال زال الاحتمال وان لم يكن يرجع إلى نيته وذكر ابن سماعه في نوادره عن محمد إذا قال والله لا أقول كذا لفلان فهو عندي مثل الخبر والبشارة ألا يرى أن رجلا لو قال والله لا أقول لفلان صبحك الله بخير ثم أرسل إليه رسولا فقال قل لفلان يقول لك فلان صبحك الله بخير فإنه حانث قال ألا ترى ان القائل هو المرسل وان الرسول هو القائل ذلك لفلان ولو كان هو هذا الذي حلف عليه لم يحنث ألا ترى ان الرجل يقول قال الله عز وجل لنا في كتابه الكريم كذا ولو قال والله لا أكلم فلانا بهذا الامر فهذا على الكلام بعينه لا يحنث بكتاب ولا رسول ألا ترى انك لا تقول كلمنا الله تعالى بكذا وأما الحديث فهو على المشافهة لان ما سوى الكلام ليس بحديث ولو قال أي عبيدي يبشرني بكذا فهو حر فبشروه جميعا عتقوا لوجود البشارة من كل واحد منهم لوجود حد البشارة وهو ما ذكرناه ولو بشره واحد بعد واحد لم يعتق الثاني لأنه ليس بمبشر وإنما هو مخبر ألا ترى ان خبر الثاني لا يؤثر في وجه المخبر له ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد وأخبره بذلك أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما فقال رضي الله عنه بشرني به أبو بكر ثم أخبرني به عمر رضي الله عنهما فان أرسل إليه أحدهم رسولا فان أضاف الرسول الخبر إلى المرسل فقال إن عبدك فلان يخبرك بكذا عتق العبد لان المرسل هو المبشر وان أخبر الرسول ولم يضف ذلك إلى العبد لم يعتق العبد لان البشارة منه لا من المرسل ولو حلف لا يكتب إلى فلان فامر غيره فكتب فقد روى هشام عن محمد أنه قال سألني هارون الرشيد أمير المؤمنين أصلحه الله عن هذا فقلت إن كان سلطانا يأمر بالكتاب ولا يكاد هو يكتب فإنه يحنث لأنه إذا كان لا يباشر الكتابة بنفسه عادة بل يستكتب غيره فيمينه تقع على العادة وهو الامر بالكتابة قال هشام قلت لمحمد فما تقول إذا حلف لا يقرأ لفلان كتابا فنظر في كتابه حتى أتى آخره وفهمه ولم ينطق به قال سأل هارون أبا يوسف عن ذلك وقد كان ابتلى بشئ منه فقال لا يحنث ولا أرى أنا ذلك وقد روى خلف بن أيوب وداود بن رشيد وابن رستم أيضا عن محمد انه يحنث فأبو يوسف اعتبر الحقيقة لأنه لم يقرأه حقيقة إذ القراءة لا تكون الا بتحريك اللسان بالحروف ولم يوجد ألا ترى ان المصلى القادر على القراءة إذا لم يحرك لسانه بالحروف لا تجوز صلاته وكذا لو حلف لا يقرأ سورة من القرآن فنظر فيها وفهمها ولم يحرك لسانه لم يحنث ومحمد اعتبر العرف والعادة ومعاني كلام الناس وهم إنما يريدون بمثل هذه اليمين الامتناع عن الوقوف على ما في الكتاب وقد وقف على ما فيه فيحنث قال هشام عن محمد إذا قرأ الكتاب الا سطرا قال كأنه قرأه قلت فان قرأ نصفه قال لا يعنى لم يقرأه قال محمد إذا قرأ بعضه فان أتى على المعاني التي يحتاج إليها فكأنه قد قرأه لان تلك المعاني هي المقصودة بالكتاب ولو حلف لا يقرأ سورة فترك منها حرفا حنث وان ترك آية طويلة لم يحنث لأنه يسمى قارئا للسورة مع ترك حرف منها ولا يسمى مع ترك ما هو في حكم الآية الطويلة وروى ابن رستم عن محمد أنه قال لا أبلغك مثل لا أخبرك وكذلك أذكرك بشئ أو لا أذكرك شيئا فإنه يحنث بالكتاب فاما الذكر والاخبار والاعلام والابلاغ على الكتاب والقول والكلام على الكتاب أيضا قال عمر وسألت محمدا رجل حلف لا يتمثل بشعر فتمثل بنصف بيت قال لا يحنث قال قلت فإن كان نصف البيت من شعر آخر قال لا أدرى ما هذا لا يحنث لان الشعر ما ظهر فيه النظم وذلك لا يكون الا في بيت قال وسألت محمدا عن رجل فارسي حلف أن يقرأ الحمد بالعربية فقرأها فلحن قال لا يحنث وان حلف رجل فصيح أن يقرأ الحمد بالعربية فقرأها فلحن
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248