كانوا عالمين بقدره صح القراض إن كانوا أهل رشد لا يولى عليهم ولم يتعلق بتركة ميتهم ديون ولا وصايا وإن كانوا بخلاف ذلك لم يصح إذنهم، ثم إذا صح فلا يخلو أن يكون قد حصل للعامل فيه ربح قبل موت رب المال أو لم يحصل، فإن لم يحصل فكل المال الذي في يده قراض لورثة ربه، وإن كان قد حصل فيه ربح قبل موت ربه فهو شريك في المال بحصته من ربحه، ويختص بما يحصل من فضله ومضاربته فيما يبقى من الربح مع رأس المال بما شرط له من ربحه.
وإن كان الورثة جاهلين بقدر المال عند إذنهم له بالقراض ففيه وجهان مخرجان من وجهين.
(أحدهما) أن القراض باطل لأنه معقود بمال مجهول.
(والثاني) أن القراض صحيح لأنه مبتدأ لعقد صحيح، فإن كان مال القراض عند موت ربه عرضا فقد قال الماوردي: للعامل بيعه من غير استئذان الورثة، ولا يجوز ان يشترى بثمنه شيئا من غير إذن الورثة لان البيع من حقوق العقد الماضي، وليس الشراء من حقوقه إلا بعقد مستأنف، فإن أذن له الورثة في المقام على قراض أبيهم - فإن كان بعد بيعه للعرض فقد صار الثمن ناضا - أي نقودا - فيكون كاذنهم له بالقراض والمال ناض.
وإن كان قبل بيع العرض ففي جواز القراض وجهان خرج منهما الوجهان المذكوران، أحدهما وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: إن القراض باطل لان عقده بالقرض باطل. الثاني وهو قول أبي إسحاق المروزي أن القراض جائز لأنه استصحاب لعقد جائز.
وإن كان الميت منهما هو العامل فليس لوارثه أن يبيع ويشترى سواء كان المال ناضا أو عرضا، والفرق بين أن يموت رب المال فيجوز للعامل أن يبيع بغير إذن الوارث وبين أن يموت العامل فلا يجوز لوارثه أن يبيع إلا باذن رب المال أن عقد القراض قد أوجب ائتمان العامل على التصرف في المال سواء كان المال لربه أو لوارثه، وما أوجب ائتمان وارث العامل في المال لا مع ربه ولا مع وارثه، وإذا كان كذلك نظر في المال، فإن كان ناضا استرجع رب المال رأس ماله واقتسما