والثاني: أن يجبر على بيعه، لان رأس المال مستحق عليه وليس العرض هو رأس المال وإنما هو بدل عنه.
(فرع) سبق أن قررنا أنه لا يجوز له أن يسافر بغير إذن رب المال وأوضحنا من النفقات ما يؤخذ من القراض بالمعروف كنفقة الأقارب أو مقدرة كنفقة الزوجة، وقال أبو حنيفة: له في نفقته أجرة حمامه وعلاجه وطبيبه وما يباح من شهواته، وهذا غير صحيح من وجهين.
(أحدهما) أن نفقات الزوجات أوكد من نفقات العامل ومع ذلك ليس فيها شئ من ذلك.
(والثاني) أن ذلك مما لا يختص بالسفر ولا بعمله، على أن من أصحابنا من جعل له نفقة السفر ما زاد على نفقة الحضر، وحكاه أبو علي بن أبي هريرة عن بعض متقدميهم وهو أشبه بالقياس، فان دخل في سفره بيتا فله النفقة ما أقام فيه مقام المسافر ما لم يتجاوز أربعا فإن زاد على إقامة أكثر من أربع نظر، فإن كان بغير مال القراض من مرض طرأ أو عارض يختص به فنفقته في ماله دون القراض وإن كان مقامه لأجل مال القراض انتظارا لبيعه وقبض ثمنه أو التماسا لحمله أو لسبب يتعلق به فنفقته في سفره لاختصاصه بالقراض.
قال الشافعي: وإن خرج بمال لنفسه كانت النفقة على قدر المالين بالحصص، ويستفاد من ذلك أنه يصح أن يسافر بمال نفسه مع مال القراض، ومنعه بعض العراقيين لان عمله مستحق في مال القراض فصار كالأجير، وقد خطأ بعض أصحابنا هذا لأنه إذا كان له أن يعمل في ماله ومال القراض حضرا جاز له ذلك سفرا ولان عمله في القراض لا يمنعه من العمل في جميع الأعمال ما دام يؤدى ما لزمه من عمل القراض وسواء فيما لسواه ممسكا أو عاملا فلو شرطه في العقد أن لا يسافر بمال لنفسه بطل القراض لأنه قد أوقع عليه حجرا غير مستحق، والمطلوب منه أن لا يخلط ماله بمال القراض، وعليه تمييز كل واحد من المالين، فان خلطهما فعلى ضربين.
(أحدهما) أن يكون باذن رب المال فيجوز ويصير شريكا ومضاربا، ومؤونة