بأن قال: ليس عندي لك حق، أحلف على ما أجاب بالله أن ماله قبله حق، ولا يجوز للحاكم أن يحلفه: ما أخذ وديعة، أو ما غصبه، لأنه قد يجوز أن يكون قد ملكه عليه بعد الوديعة والغصب، بهبة أو بيع استوفى ثمنه، فلا يكون قبله حق، وبحيث إن حلف ما استودع ولا غصب بر وإن كان جوابه أن قال: ما غصبتك، أو قال: ما أخذت وديعتك، فقد اختلف أصحابنا في صفة إحلافه على وجهين (أحدهما) أنه يحلف بالله ماله قبله حق احترازا مما ذكرنا (والوجه الثاني) أنه يحلف على ما أجاب بالله ما غصبه، ولا أخذ وديعته لان تركه الاحتراز في جوابه ينفى التوهم عنه فيما ذكرنا.
فإذا ثبت أن جوابه بما ذكرنا مقنع فحلف ثم قامت البينة عليه بقبض المال أو عاد فأقر به ثم ادعى تلفه أو رد ثمنه لم يضمن وكان قوله مقبولا فيه لامرين أحدهما: أن ما ادعاه في الثاني مطابق لما أجاب به في الأول، لان من يرد الشئ على مالكه فليس له شئ في يده.
والثاني: أنه ليس له في جوابه الأول تكذيب الشهود، وبهذين المعنيين فرقنا بين المسألتين، فلو قامت عليه البينة في هذه المسألة بأن المتاع كان في يده بعد أن أجاب بأن لا شئ لك عندي صار ضامنا ولم يقبل قوله في الرد أو التلف لان هذا الجواب منه مع بقاء الشئ في يده كذب وجحود فصار ضامنا:
(فرع) قال المزني: ولو جعل للوكيل فيما وكله جعلا، فقال للموكل جعلي قبلك، وقد دفعت إليك مالك، فقال: بل خنتني فالجعل مضمون لا تبرئه منه الجناية عليه.
وقد ذكرنا أن الوكالة تجوز بجعل وبغير جعل، ولا يصح الجعل إلا أن يكون معلوما، فلو قال: قد وكلتك في بيع هذا الثوب على أن جعلك عشر ثمنه أو من كل مائة درهم من ثمنه درهم لم يصح للجهل بمبلغ الثمن وله أجرة مثله، فلو وكله في بيع كتاب بأجر معلوم فباعه بيعا فاسدا فلا جعل له، لان مطلق الاذن بالبيع يقتضى ما صح منه، فصار الفاسد غير مأذون فيه فلم يستحق جعلا عليه، فلو باعه بيعا صحيحا وقبض ثمنه، وتلف الثمن في يده فله الأجرة لوجود العمل، وهذا بخلاف الصانع إذا استؤجر عليه حياكة ثوب أو تجليد كتاب