قول أبي حنيفة وبعض أصحابنا إلى أنه لا ضمان عليه، لان ربها سلطه على إتلافها بدفعها إليه، فلا يلزمه ضمانها، ألا ترى أنه لو دفع إلى صغير سكينا فوقع عليها كان ضمانه على عاقلته؟
ولنا أن ما ضمنه باتلافه قبل الايداع ضمنه بعد الايداع كالبالغ، ولا يصح قولهم: إنه سلطه على إتلافها لأنه استحفظه إياها، وفارق دفع السكين فإنه سبب للاتلاف، ودفع الوديعة بخلاف ذلك (فرع) إذا ترك ماله عند رجل عاقل من غير إيداع فتلف لا ضمان عليه، كما لو أودعه ويفارق الايداع من حيث التفريط، فلو فرط فيه لم يضمنه في ظاهر المذهب بخلاف المودع والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وتنعقد الوديعة بما تنعقد به الوكالة من الايجاب بالقول، والقبول بالفعل، وتنفسخ بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والاغماء والموت، كما تنفسخ الوكالة، لأنه وكالة في الحفظ، فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
(الشرح) الأحكام: وتتبع الوديعة الوكالة في جوازها وانعقادها وفسخها، فمن هنا لا تنعقد إلا بالايجاب والقبول.
وصورة الايجاب أن يدفع الوديعة إليه - وهذا فعل - فإذا كانت سيارة فأدخلها مرساه أو حظيرته أو جراشه وقال له: هذه سيارتي عندك وديعة صح الايجاب. أما القبول فبأي لفظ دال على القبول يصح عقد الوديعة أما الفسخ فيجرى فيه ما يجرى في فسخ الوكالة، فإذا أراد المودع ردها انفسخ عقدها، لأنه متبرع بالقبول. وإذا أراد ربها استردادها وفسخ عقدها كان له ذلك لأنه مالكها، كما تنفسخ بجنون أحدهما أو موته أو اغمائه، لان استمرار العقد ينبغي أن تتوفر فيه شروط العقد ابتداء، ويبطل العقد ما يمنعه ابتداء.
ففي حالة عزل الوديع نفسه يرد الوديعة إلى ربها، وفى حالة الجنون أو