فقال:
اكسني يا بن رسول الله مما كساك الله، فإني عريان، فدفعهما إليه، فقلت: من هذا؟ قال: جعفر الصادق، فطلبته بعد ذلك لأسمع منه شيئا فلم أقدر عليه (1).
وعن مالك بن أنس فقيه المدينة: والله ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد زهدا وفضلا وعبادة وورعا، وكان رجلا لا يخلو من إحدى ثلاث خصال، إما صائما، وإما قائما، وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد، وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عز وجل، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد، فإذا قال: قال رسول الله اخضر مرة واصفر أخرى حتى لينكره من كان يعرفه (2).
وكيف لا يكون كذلك وهو إمام العارفين، إنه الإمام الذي بعمله يعلمنا ما هي معرفة الله التي تنبعث منها هذه الخشية لله {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (3)، وبقوله يعرف من هو العارف بالله، وقد روي عنه (عليه السلام) أنه قال: العارف شخصه مع الخلق وقلبه مع الله، لو سهى قلبه عن الله طرفة عين لمات شوقا إليه، والعارف أمين ودائع الله، وكنز أسراره، ومعدن أنواره، ودليل رحمته على خلقه، ومطية علومه، وميزان فضله وعدله، قد غنى عن الخلق والمراد والدنيا، ولا مونس له سوى الله ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلا بالله و [لله] ومن الله ومع الله، فهو في رياض قدسه متردد، ومن لطائف فضله إليه متزود، والمعرفة أصل فرعه الإيمان (4).
ومن نظر في آلاف الروايات الواردة عنه في أصول الدين من المبدأ إلى المعاد،