وفي فروع الدين من الطهارة إلى الديات، وما روى عنه في المواعظ والأخلاق، وما حفظ عنه في العشرة والحقوق والآداب يدرك ما في زيارة الجامعة: وبموالاتكم علمنا الله معالم ديننا، وأصلح ما كان فسد من دنيانا.
ومن تأمل فيما صدر عنه في المعرفة والعبادة يؤمن بأنه يحق له أن يقول: بنا عرف الله، بنا عبد الله، نحن الأدلاء على الله، لولانا ما عبد الله (1).
قال الحسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة وقد سئل: من أفقه من رأيت؟ قال:
جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور بعث إلي، فقال: يا أبا حنيفة، إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من مسائلك الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر وهو بالحيرة، فأتيته ودخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه، فأومأ إلي، فجلست ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة، قال: نعم أعرفه، ثم التفت إلي فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك، فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا... حتى أتيت على الأربعين، فما أخل بشئ، ثم قال أبو حنيفة: أليس أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟! (2) قال ابن قتيبة في أدب الكاتب: وكتاب الجفر جلد كتبه الإمام جعفر بن محمد الصادق ابن محمد الباقر، وفيه كل ما يحتاجون إلى علمه إلى يوم القيامة (3).