وفي الصحيح عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن لموضع قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) حرمة معلومة من عرفها واستجار بها أجير، قلت: فصف لي موضعها جعلت فداك. قال: امسح من موضع قبره اليوم، فامسح خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه، وخمسة وعشرين ذراعا من خلفه، وخمسة وعشرين ذراعا مما يلي وجهه، وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية رأسه، وموضع قبره منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة، ومنه معراج يعرج فيه بأعمال زواره إلى السماء، فليس ملك ولا نبي في السماوات إلا وهم يسألون الله أن يأذن لهم في زيارة قبر الحسين (عليه السلام) ففوج ينزل وفوج يعرج (1).
ومع أن العالي لا يميل إلى السافل، ومن في الملكوت لا يلتفت إلى عالم الملك فقد انقلب قبره بمجاورة جسده الشريف، فصار أرفع من السماوات ومقامات الملأ الأعلى، ولهذا يقول الإمام (عليه السلام): ليس من ملك حتى الكروبيين، ولا من نبي حتى أولي العزم من المرسلين إلا ويسألون الله الإذن في زيارة قبره (عليه السلام)، فهم ينالون في زيارة هذا القبر ما لا يمكن وصفه إلا بما روي عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما لمن زار الحسين (عليه السلام)؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه، قال قلت: ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (صلى الله عليه وآله) (2).
فإن كان أثر عمله في تربته أن يصير معراج القرب إلى الله، وفي قبره أن يصير عرش الله، فماذا يكون أثره في دمه؟!
فمن جهة أن بين النفس والبدن تفاعلا متقابلا يؤثر كل منهما في الآخر ويتأثر منه، فدمه (عليه السلام) منبعث عن القلب المتعلق بالنفس المستغرقة في أسماء الله الجلالية