{وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا} (1) مرتبة تعجبت منها ملائكة السماوات. (2) وبلغ من الشكر مرتبة بحيث لم ير ما نزل عليه مصيبة، بل يرى كل ما ورد عليه من المصائب نعمة، فهو يثني على الله في أشد البلاء أحسن الثناء، ويرى الضراء رحمة من الله كالسراء فيحمده عليهما، ولا ينظر إلى ما ابتلاه الله به، بل نظره مقصور على ما أكرمه الله به، وآخر دعواه ربنا فاجعلنا من الشاكرين.
وإن البيان ليقل واللسان ليكل عن بيان شهادته التي عظمت رزيتها في الآفاق والأنفس.
ومقتضى العدل والحكمة أن تكون الدرجات على وزان الأعمال {ولكل درجات مما عملوا} (3)، {وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون} (4).
واختلاف الأعمال يدور مدار اختلاف مراتب العلم والإيمان {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} (5).
ولابد في معرفة كل عمل اختياري من النظر إلى ما ينشأ منه، وإلى ما يترتب عليه، وإلى نفس العمل وخصوصياته التي يكون العمل متصفا بها، ولذلك تختلف الأعمال باختلاف أنفسها وعللها ومعلولاتها.