الحياة بنفسها.
ألا يكفينا التأمل في بيضة واحدة لأن يهدينا إلى الذي {خلق فسوى * والذي قدر فهدى} (1)، ومن هنا قال الإمام (عليه السلام): (أترى لها مدبرا؟ قال: فأطرق مليا، ثم قال:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأنك إمام وحجة على خلقه، وأنا تائب مما كنت فيه).
* إن العالم القدير الحكيم، الذي ربى الحبة في ظلمة التربة، وربى الفرخ في ظلمة البيضة، كل واحد لأجل هدف وغرض معين، هو الذي ربى نطفة الانسان في ظلمات البطن والرحم، من أجل هدف وغرض معين، تلك النطفة التي كانت في أولها ذرة لا يدركها الطرف، فاقدة لجميع الأعضاء والقوى الانسانية، فجهزها بأنواع الأجهزة للحياة بعد الولادة، فقد جهزها - على سبيل المثال - بعظام على مختلف أشكالها ومقاديرها تتناسب مع وظائفها، وأضاء مشعل الإدراك فيه بواسطة دماغه بعجائب صنعة تتحير فيها العقول، وأبقى على حرارة الحياة فيه بنبضات القلب التي لا يفتر عنها ليلا ونهارا ويفوق عددها الملايين في كل سنة.
إن التأمل في تركيب أبسط عضو من بدن الانسان يكفي للإيمان بتقدير الخالق العزيز العليم، فالأسنان - مثلا - خلقت في ثلاثة أقسام: الثنايا في المقدمة، ثم الأنياب، ثم الطواحن الصغار والكبار، فماذا كان سيحدث لو خلقت الطواحن مقدمة على الثنايا والأنياب، وكانت هذه في موضع الطواحن، من جهة تقطيع الطعام ومضغه، ومن جهة المنظر من حيث القبح والجمال؟!
ماذا كان يحدث لو كان حاجباه تحت عينيه، أو كانت فتحة أنفه إلى الأعلى