ولأجل أن يتمكن من الإرتزاق - إذا خرج - بالتقاط الحب من بين التراب والأحجار، جهزه بمنقار صلب من جنس قرون الحيوانات، لئلا يتأذى بالنقر في الأرض.
ولأجل أن لا يفوته رزقه، جعل له حويصلة يجمع فيها كل ما وجد من الحب ويدخره في تلك المحفظة، ثم يعالجه بعد ذلك ويرسله إلى هاضمته.
ثم كسا جلده الرقيق بريش وجناحين تقيه الحر والبرد، والضر والعدو.
ثم لم يكتف له بضرورات حياته وواجباتها، حتى أنعم عليه بنوافلها المتعلقة بمظهره، فلون ريشه وجناحيه بألوان تسر الناظرين، قال (عليه السلام): " تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ".
وبما أن تكامل هذا الحيوان يحتاج إلى الحرارة الموزونة في صدر الدجاجة، فإذا بالحيوان الذي لا يهدأ عن السعي والحركة إلا في ظلام الليل، يخمد في مكانه، ويرقد على بيضه هادئا ساكنا طوال المدة التي يحتاج الجنين في البيض إلى تلك الحرارة.
فأية حكمة سلطت هذا الخمود والسكون على طائر دائم الحركة، لتتحقق حركة الحياة في فرخ جديد؟!
بل أي أستاذ علم الطائر أن يقلب البيض في الليل والنهار حتى لا تفقد أعضاء الجنين تعادلها؟! وعلم الفرخ عندما يتم خلقه أن يكسر جدار الحصن بمنقاره، ويدخل في عالم حياة جديدة أعدت لها أعضاؤه وقواه؟!
أية عناية ورحمة أحدثت حركة قسرية في طبيعة أم الفراخ، تلك التي لم يكن يؤثر فيها إلا عامل المحافظة على حياتها والدفاع عن نفسها، فإذا بانقلاب يحدث فيها، فتجيش بالعاطفة على فراخها، تحافظ عليها وتحميها، وتجعل صدرها درعا يقيها، وتبقى هذه الحالة العاطفية طوال المدة التي تحتاج إليها حتى تستعد لإدامة