ليل ونهار، وطلوع وغروب، ويحصل بطلوعها النور والضوء في حياة الانسان فيشرع في فعالياته لأمر معاشه، وأما عند غروبها فيوافي الليل وينشر ظلامه لتوفير الهدوء والسكون اللازم لإدامة الحياة بتجديد النشاط، فلا استدامة لإشعاع الشمس، ولا انقطاع له كليا لئلا يختل نظام الحياة {وهو الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن أراد أن يذكر} (1)، {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله} (2)، {قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيمة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون} (3).
فالنور والظلمة، والليل والنهار - مع ما بينهما من غاية التضاد - متفقان متعاونان، آخذ كل منهما بيد الآخر لأجل هدف واحد! فالنهار يجعل ما في الأرض، والليل يجعل ما في السماء في معرض رؤية الانسان، لكي يكون ملك الأرض والسماء وملكوتهما في معرض بصره وبصيرته.
فالليل والنهار يورقان صفحات كتاب الوجود للإنسان لكي يقرأ آيات ربه في صفحة الأرض والسماء {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ} (4)، {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين} (5).
عجبا للإنسان الذي يجعل ملاك العلم والحكمة في البشر، معرفة الواحد منهم